روحك التي تسربت مني أثناء غروب صورتك أمامي وأنت تركب البحر مغادرا بلادك للأبد ، رسالتك التي انتظرت توهج حروفها طويلا بين يدي ـ لم يعد يجدي نفعا تلقيها بعد كل هذه الأيام البائسة ، الظلام قد حل بعيوني ، وأنا الأن معتمة .
كنت أُمنّي نفسي وإياك أنك ستكون ظهرا وسندا ، لكنها الحيلة العاجزة والزمن الجارح ، أبعدك وأبعدنا ، وطرح على بعدنا مسيرة من وجع وكرب .
(( ماما ، أرجوكي متبكيش ، لأني مش هرجع عن قراري بالسفر ، الدنيا بقت ضيقة وبقينا عايشين في شوارع مليانة بلاعات مفتوحة ، كل يوم يسقط واحد مننا ، وأنا مش هستنى لما أغطس تحت الأرض )) .
كنتَ قاسيا وشاحبا ومكسورا ، كنت مصدرا يشع العتمة واليأس والإحباط .
لم أر فيك ابني الذي أحلم به ، ولم أر لي ظلا من ساعتها للآن .
غَرُب وجهك عني من لحظتها ليشرق على أرض أخرى وبشر آخرين ، أحسدهم وأشكو إليهم ضعفي ، فما أقسى الغروب حين يسحب معه الدفء والضوء ويجلب بديلا الموت والذكريات المؤلمة .
لم تكن أنت الوحيد الذي غَرَبْتَ بل غَرُبَتْ روح أبيك بعد قليل من سفرك ، وبقيت أنا وحيدة في منتصف السلم ، لم أصعد لأكتمل ، ولم أنزل لأشارك الأموات حياتهم الخالدة .
قلت لك حينما كنت تصعد سلم البحر ، ليس بك رجاءً ولم يعد لي أمل ، للأسف لم يعد لي أمل .
-----------
الصورة ليست من تصويري ، منقولة من هذا الرابط
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق