---------------------------((((((((()))))))))))))--------------------------------------
لم ير في الحياة ألوانه ولم يذق طعم التفاصيل الدقيقة ، كان وحسب دائما جزءا من الحقيقة .
لم تترك الأيام فيه إلا تمثالا من لحم ودم ، أنفاسا تجري في صدره بلا أحاسيس ، قلب لم تكن أكثر وظائفه إلا بث النبضات المجردة في العروق الباردة .
باختصار شديد لم يكن إلا إنسانا جافا لم يعرف ليونة الطبع فيه أو الطبيعة من حوله .
حاله مثل أحوال المساكين الذين يعفون عن سؤال الآخرين جرعة حب أو قطعة حنان أو كسرة عطف .
كان يحكي ويتكلم دون أن يعيش التجربة إلا على صفحات أوراقه البيضاء .. خائفا من الضياع بين طيات الآلام وعذابات الفراق والبعد .
(( بتحبني ؟! )) .. لم يستطع خلق الإجابة .. (( بقولك بتحبني ؟!)) .. كررتها عليه دون أن تحظى بأية إشارة ، لكنهما كانا قد اشتد عليهما الإحساس عاصفا تارة ووديعا تارة أخرى .
هي : اللحظات النادرة ، والآمال البعيدة ، والروح السابحة في كل ذي حياة .
كان يعرف أن الله خلق الإنسان الأول وبث فيه من روحه ، وأننا ما زلنا نعيش في ظلال وجود الروح الأول ونكتسبها ميراثا أبا عن جد ، وأننا لا نريد أن تكون هذه الروح يوما خارج حدود أجسادنا .
إلا أن الله خصه مثل آخرين كثيرين في دنيانا الرحبة بنفخة روح أخرى كانت عبر وسيط ذو ملمس بشري .. وها هو يتمنى في نفسه أن يتلقى نفخات عديدات أخرى في أيامه القادمات .
(( يا أيها الندى المعتق ، خبرني .. من أين تأتي بالرقة ؟! ـ منك )) .
(( يا روح الصفو .. أنبئيني ، متى حللت في جسدي ؟! ـ وقتما سمحت لي بالحلول )) .
(( يا أيها الكلم ، يا أيها النور ، يا أيتها الفراشات .. أجيبوني ، كيف تكون لكم السطوة والملك ؟! ـ بإرادتك )) .
هكذا ظلت ترد عليه كلما راوده السؤال ، وعلى هذا شاهدا انبعاث قمره بدرا دون أن يدور في منازله المعلومة المقدرة .جلس وحيدا ، يبحث عن الإجابات .. فأمسك بالقلم عله يملك التفسيرات .
كتب القلم :(( لا أعرف لماذا أعجز عن تشكيل الحرف في أي من رسائلي التي أوجهها إليك .. ولا أعرف لما تنتابني حالات الضياع والفقد دون وجودك أو وجود أثارك بجانبي .ولأي مدى سيصير حالي ذائبا في رغبتك .. منكسرا لطاعتك .. تتوهمين دائما أنه ليس لديك السلطة أو التأثير , لكني أشهدك على نفسك يا صاحبة السمو أنك ربة الجمال والرقة والعصافير والفراشات والأحلام والقواقع والاصداف .وأنك يا صغيرتي ما تشتهي نفسي )) .
على الناحية الأخرى ، من الجانب الأخر للكون .. كانت هي أيضا تبحث عن القلم لتكتب :(( ما بين قلبي لك ، ورغباتي المؤجلة علاقة طردية .. ولكن في عشقك قنوعة مستسلمة .. هادئة .. متحررة .. طفلة عاقلة .. ومصطنعة للتعقل ..أنا في عشقك أسيرة للحظة وللموقف وللمكان وللزمان و ....... لكرمك المفاجئ .. أحبك ))