الاثنين، 29 أكتوبر 2012

يوميات محامي في القضاء العسكري 2

لن يمنعك ترددك الدائم على مقرات القضاء العسكري أو حضورك المستمر أمام النيابات أو المحاكم العسكرية من وقوعك فريسة للعقيدة العسكرية التي تبنى على السمع والطاعة للأوامر العسكرية بغير نقاش أو جدال.


فقد تحدث بداية المشاكل مع المجندين أفراد أمن الوحدة العسكرية ويمنع دخولك من البوابة الرئيسية في ( س 28 ) بسبب وضع شعارات واستيكرات "لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين" على ملابسنا وحقائبنا بدعوى أن هذه الشعارات معارضة وقد تؤثر على عقيدة المجندين وإيمانهم بالقضاء العسكري، على الرغم من انتشار هذا الشعار وهذه الفكرة وتخطيها حواجز المنع والرقابة بعد ثورة 25 يناير بصورة يصعب تصور منعها ومصادرتها.

لفت نظري عدة مرات كيف كان تصارع القوى واضحا بين الشرطة والجيش وكيف بدا ذلك واضحا حين رفض الضابط الذي كان يؤمن عربية الترحيلات أن يسلم سلاحه لأمن الوحدة العسكرية لأنه لا يثق في أن يرجع إليه سلاحه بحالته مرة أخرى كما هو.

ووصل الأمر إلى وقوفنا بالساعات خارج مقر النيابة العسكرية وبجوارنا سيارة الترحيلات التي منعت من الدخول وبداخلها عشرات المتهمين تحت قيظ الشمس في شهر يونيو الماضي، حتى قدمت طلبا لرئيس هيئة القضاء العسكري أطلب فيه أن يرحمنا من صراع القوى ومعارك السلطات ويرحموا المحابيس، فسمح بعدها لسيارة الترحيلات بالدخول لكني لم أعرف إن كان ذلك بسبب طلبي أم لعلة أخرى.

لاحظت هذا التصارع أيضا في أحد الأيام عندما تقدم أحد القضاة العسكريين باتجاه رجل مدني كان يجلس في بهو المحكمة العسكرية لينهره ويمارس عليه تسلطه ففوجئ القاضي العسكري أن هذا الرجل هو ضابط شرطة يسب له الدين، ولم أعرف على أي الأحوال انتهى الأمر في الغرفة المغلقة لرئيس فرع المحاكم العسكرية لكن كان من الواضح أن تصارع القوى لا يتأثر أو ينكوي به إلا الضعفاء والمحبوسين.

السمع والطاعة للأوامر العسكرية هي التي كانت تمنعنا من توصيل الإعاشة للمتهمين، وهي التي كانت تمنعنا من الدخول على رئيس النيابة العسكرية أو أي مسئول أعلى لأن الطلب الذي قدمناه من نصف ساعة لم يرد عليه ولم يسمح لنا بما فيه.

السمع والطاعة في الإنقضاض على المتهمين والإحاطه بهم من المجندين المسلحين لإحباط ثورتهم داخل المحكمة العسكرية واعتراضهم على قرارات الحبس الإحتياطي الصادرة ضدهم لمدة تزيد عن الشهر.

السمع والطاعة للضابط الأعلى هي الأولى بالاعتبار والأجدر عند اتخاذ القرار.

وللحديث بقية ...

-----------------

لقراءة المقال على موقع بيت الحوار اضغط هنا

لقراءة الحلقة الأولى إضغط هنا

الثلاثاء، 23 أكتوبر 2012

تويت ندوة.. نقاش حول المسوّدة الأولى للدّستور

دعيت أنا وبعض النشطاء الشباب لمناقشة المسودة الأولى للدستور الصادرة من الجمعية التأسيسية والتعليق عليها وذلك من خلال حلقة تويت ندوة التي نظمتها قناة الجزيرة مباشر مصر يوم الأربعاء 17 أكتوبر الماضي. وكان حاضرا كل من الدكتور وحيد عبد المجيد والدكتور أحمد دياب والدكتور ماجد شبيطة والدكتور عمرو عبد الهادي كممثلين عن الجمعية التأسيسية.

وكان واضحا أثناء الحوار الذي جرى بيننا كنشطاء وبين أعضاء الجمعية التأسيسية على الهواء مباشرة مدى إنفصال وبعد الرؤى والمفاهيم وطريقة التناول لمواد الدستور وإختلاف أفكارنا كنشطاء عن تفكير أعضاء التأسيسية.

كما اتضح أن التفاخر الواضح لأعضاء التأسيسية بأنهم تلقوا ما يزيد عن 30000 مقترح والتقوا ما يجاوز 10000 مواطن هو أمر مبالغ فيه أولا من عدد الكم حيث أن هذا العدد من المواطنين والمقترحات التي تلقتها لجنة الحوار المجتمعي بالتأسيسية لا يعبر بأي حال عن عدد الشعب المصري الذي يجاوز 80 مليون مواطن بالإضافة إلى عدم معرفة قدرة اللجنة على ضمان التنوع البيئي والجغرافي والفئوي للمواطنين والفئات الذين تم لقائهم خاصة وأن الجمعية التأسيسية لم تهنأ بالعمل إلا من شهور قليلة ودائما كان الخلاف واضحا بين أعضائها ومنشورا في مختلف الصحف ومنقولا على الفضائيات.

بالإضافة إلى أن شهادة النشطاء الذين حضروا فرز هذه المقترحات وساعدوا لجنة الحوار المجتمعي على فرز المقترحات الواردة إليها والذين تواجدوا بالصدفة في اللقاء أكدوا أنه لم تتضمن مسودة الدستور الكثير من المواد المقترحة والتي شاركوا في تجميعها مع اللجنة وأن اللجنة تجاهلت أغلبيتها.

هذا بالإضافة إلى أنني علقت أثناء المناقشات على المادة الأولى من المسودة المطروحة من الدستور التي تنص على أنه: ((الشعب المصري جزء من الأمتين العربية والإسلامية ويعتز بانتماءه الأفريقي وحوض النيل وامتداده الأسيوي ويشارك بإيجابية في الحضارة الإنسانية)) .

فأشرت أن هذه المادة يجب أن تتحدث عن الشعب المصري ككل وتذكر أصوله وانتمائته وتنوعه لكن ما طرح علينا في المسودة بجانب أن صياغته كانت ركيكة كان قاصر ومهملا لهوية الشعب المصري الذي يحمل تاريخا فرعونيا قبطيا بجوار الثقافة العربية الإسلامية والإمتداد الأفريقي الأسيوي مما يجعله جزء أصيل من الحضارة الإنسانية وليس مشاركا فقط فيها.

وأثناء الفاصل تحدثت مع أعضاء التأسيسة المتواجدين وحدث نقاش ثنائي فيما بيني وبين الدكتور ماجد شبيطة الذي قرر لي أن تقارير الأمن العام والمخابرات كانت كلها تحذرهم من تناول وذكر أي تفاصيل في هذه المادة تعبر بأي حال من الأحوال عن الأقليات أو ذكر وجود طوائف أخرى مثل الأمازيغ والنوبيين أو المسيحيين لأنه قد تحدث كارثة بسبب ذلك وتطالب هذه الطوائف بالإنقسام.

وضحت له أن إهمال هذه الفئات والطوائف التي هي جزء من الشعب المصري ليس هو الحل ولكن الحل هو أن يكون لهم ذكر وخصوصية في الدستور لأن هذا هو الذي يجعلهم متأكدين على أن الدولة لن تتخلى عنهم وتعتبرهم جزء من الشعب المصري غير منفصل عنهم أما تجاهلهم سيؤدي إلى إحساسهم بالإهمال مما يدفعهم إلى عدم الإحساس بالإنتماء وطلب الإنفصال.

واستغربت منه كيف للتأسيسية أن تعتمد على تقارير أمنية طالما كانت عونا للنظام البائد وطالما ضللت الشعب وكرست جهودها لخدمة السلطة ولخدمة دول الخارج المهيمنة ثقافيا واقتصاديا علينا.

هذا بالإضافة إلى كافة الإنتقادات التي شارك بها زملائي في الحوار والنقاش الذي دار على مرأى ومسمع من المشاهدين الذين تابعوا الحلقة على الهواء.

يوميات محامي في القضاء العسكري

عندما تخطو بقدمك عتبة بوابة النيابة العسكرية بالحي العاشر بمدينة نصر وتدخل حيز الوجود العسكري الممتد حقيقة بعد الثورة من أقصى البلاد إلى أقصاها وتقترب أكثر وأكثر لتدخل الدائرة المركزية لوجود القضاء العسكري تدخل سريعا في نفسك بمجرد اقترابك كل الأحاسيس الطاردة والمضادة للحرية والحياة وتحس بأنك دخلت السجن بقدميك وبإرادتك.
على الرغم من أن دخولي للنيابة العسكرية كان لواجب الدفاع عن المحاكمين أمامها ضمن فريق محامي جبهة الدفاع متظاهري مصر إلا أن إجراءات التفتيش التي كانوا يمارسونها علينا والتحفز المبالغ فيه ضد كل من ينتمي إلى الثورة أو حقوق الإنسان يجعلك تتوقع وتتأكد من أنك دخلت مكانا ليس للحرية فيه مكان أو متنفس.
لا أتذكر عدد المرات الكثيرة التي تعرضنا فيها لمضايقات ومشاكسات من أعضاء النيابة العسكرية أو أعضاء المحكمة العسكرية أنفسهم أو من المحامين المنتدبين من قبلها الذين تعودوا على أن مهنة المحاماة "سبوبة" أو "مصلحة" وليست رسالة وقيمة.
مشهد المتهمين المصابين الذي تعرضوا لمختلف أنواع الإنتهاكات والتعذيب والتعدي من قبل القائمين بالقبض عليهم في الاشتباكات لا ينسى ولا يقبل رؤيته أي قلب به بعض الرقة.
أذكر عندما وقفت مدافعا عن "علي غنيم" أثناء التحقيق معه أمام النيابة العسكرية في أحداث تضامنه هو وزملائه مع المعتقلين في أحداث العباسية ـ بالتظاهر أمام مبنى النيابة العسكرية، كيف أعطى "علي غنيم" ساعتها درسا لعضو النيابة العسكرية في السياسة والثورة وكيف أذعن له عضو النيابة مستمعا ومنصتا كتلميذ يتلقى تعاليم استاذه، رغم ما كان يعانيه "علي غنيم" وقتها من أوجاع إصابته التي حدثت به من تعدي أفراد القوات المسلحة الغاشمين عليه هو وزملائه.
أتذكر أيضا أثناء نظر قضية باسم محسن في المحكمة العسكرية بالسويس التي كان لي الشرف بالدفاع عنه فيها وعندما وقف أحد شهود النفي ليدلي بأقواله أمام المحكمة وقال أن: "باسم قد قبض عليه أثناء وقوفه أمام النيابة العسكرية ضمن مجموعة كانت تطالب بالإفراج عن المعتقلين" واندهش القاضي العسكري حينها من لفظة "المعتقلين" وقرر أن يصحح للشاهد أن الذين يحاكمون أمام المحكمة العسكرية ليسوا معتقلين وأن هذه اللفظة خطأ .. كان في يقين وعقيدة القاضي العسكري حينها أنه يطبق القانون وأن المتهم الذي يحاكم امامه يحاكم طبقا للقانون لكنه لم يلفت نظره أنه أمام قضاء استثنائي ظالم ليس مستقلا ولا يحوز أي ضمانة من ضمانات العدالة .. لم يصل لوجدان هذا القاضي ـ هذا إن جاز تنصيبه منصب القضاء أصلا ـ أن الحقيقة في المحاكمات العسكرية غائبة وأن أدلة الإثبات معدومة ومع ذلك يحكم بحبس وسجن من لم يثبت عليه الدليل، وغاب عنه أن القرار يرجع لوزارة الدفاع وأن الحكم يراجع أمام ضابط أعلى يسمى بالضابط المصدق لا يشترط فيه أن يكون قاضيا، لذلك لم يدرك أن المتهم أمام القضاء العسكري معتقلا وليس متهما طبقا لقواعد العدالة والإنصاف.
أتذكر وأنا أضحك شعار القضاء العسكري المكتوب على جدار المبنى من الداخل "عدالة سريعة مؤكدة" لأنني لم أجد طوال رحلتي كمدافع أمامه أي عدالة ولا أي تأكيد لكنني كنت أحس دائما بالسرعة التي وصلت إلى محاكمة المتهمين من غير دفاع حقيقي وأن الجلسات كانت تأجيلاتها باليوم أو اليومين على الأكثر.
وللحديث بقية

------------

لقراءة المقال على موقع بيت الحوار اضغط هنا

الثلاثاء، 9 أكتوبر 2012

العفو عن الرئيس


حسبما ورد في المصادر الإعلامية أنه قد أصدر الرئيس محمد مرسي، قرارا بالعفو الشامل عن مرتكبي الجرائم التي ارتكبت لمناصرة ثورة 25 يناير وتحقيقاً لأهدافها ، وجاء نص القرار انه يعفي عفواً شاملا عن الجنايات والجنح والشروع فيها التي ارتكبت بهدف مناصرة الثورة وتحقيق أهدافها في المدة من 25 يناير سنة 2011 وحتي 30 يونيو سنة 2012 فيما عدا جنايات القتل العمد.

ويشمل هذا العفو المحكوم عليهم أو المتهمين الذين لم تزل قضاياهم في دور التحقيق، أو أمام المحاكم بأنواعها.
وينشر النائب العام والمدعي العام العسكري كل فيما يخصه في جريدة الوقائع المصرية، وجريدتين واسعتي الانتشار خلال شهر من تاريخ نفاذ هذا القانون بأسماء من شملهم العفو تطبيقا.

وأضاف القرار " يكون لمن اغفل اسمه أن يتقدم بتظلم بغير رسوم للنائب العام أو المدعي العام العسكري بحسب الاحوال خلال شهر من تاريخ نشر الاسماء المشمولة بالعفو، ويترتب علي التظلم وقف اجراءات التحقيق أو المحاكمة.

ويفصل في التظلم في موعد اقصاه 30 يوم من تاريخ تقديمه فاذا رأي النائب العام أو المدعي العام العسكري رفضه ، احالة من تلقاء نفسه الي لجنة الفصل في التظلمات.

تشكل لجنة أو أكثر للفصل في التظلمات برئاسة نائب لرئيس محكمة النقض وعضوية أحد قضاة محكمة استئناف القاهرة وأخر من المحكمة العليا للطعون العسكرية يحددهم رئيس كل محكمة وتصدر قراراتها بأغلبية الآراء .

وتعلن اللجنة المتظلم بميعاد ومكان جلسة نظر التظلم قبل موعدها ب3 ايام علي الأقل، بكتاب مسجل مصحوب بعلم الوصول.

فاذا كان المتظلم محبوساً فصلت اللجنة في أمر الحبس وفقا للضوابط المنصوص عليها بالمادة 143 من قانون الاجراءات.

لا يجوز الطعن علي قرارات لجنة الفصل في التظلمات بأي طريق من طرق الطعن ويترتب علي رفض التظلم استئناف السير في اجراءات التحقيق أو المحاكمة .

اذا لم يبدأ التحقيق في إحدي الجرائم المنطبق عليها هذا القانون الا بعد نشر الكشوف ودفع المتهم بأن العفو يشمله ورأي النائب العام أو المدعي العام العسكري غير ذلك رفع الأمر الي لجنة الفصل في التظلمات للفصل فيه.

وينتهي القرار إلى أنه "لا يؤثر العفو الممنوح وفقاً لهذا القانون علي أي حقوق مدنية للغير عن الجرائم محل العفو".

وحيث أن هذا القرار هو القرار الذي طال انتظاره من الرئيس المنتخب لذا فهو على درجة عالية من الأهمية التي تقتضي النظر في نتائجه وفوائده على أصحاب القضية من الذين تعرضوا للقبض والتحقيق والمحاكمة طوال المدة التي جاءت في صدر القرار من 25 يناير 2011 وحتى 30 يونيو 2012.

وبالتالي فأننا هنا نحاول أن نفهم ماهيته و تأثيراته المستقبلية.

خاصة أن عدد المتهمين فى الأحداث الكبرى من 25 يناير 2011 وحتى 30 يونيو 2012 يتراوح عددهم ما بين ألفين و3 آلاف متهم طبقا لتصريحات المستشار محمد فوزي المتحدث الرسمي باسم لجنة حماية الحرية الشخصية المعروفة إعلاميا باسم لجنة (المحاكمين عسكريا).

 أولا: ما هو العفو الشامل:

هو قانون تصدره السلطة التشريعية (البرلمان) بغرض محو الصفة الاجرامية عن جريمة أو أكثر يحددها القانون أو عن شخص أو اكثر لجرائم تم ارتكابها وتظل لها الصفة الاجرامية بعد صدور هذا القانون.

وفي حالتنا هنا سيصدر من الرئيس بصفته المشرع وليس رئيسا للسلطة التنفيذية.

ثانيا: لماذا يتم استخدام العفو الشامل:

يستخدم كنوع من أنواع التصالح الذي يلجأ إليه النظام السياسى فى الدولة مع المعارضين أو الخصوم، أو لغرض نسيان حقبة معينة من تاريخ الدولة، أو قد يلجأ الية النظام السياسيي الجديد لإصلاح مساوئ النظام السابق.

ثالثا: تطبيقات العفو الشامل فى مصر :

صدر عدة قوانين للعفو الشامل فى مصر فى ظل قانون العقوبات الحالى وأبرزها هى المرسوم بقانون رقم241 لسنة 1952 والذى وقع فى مصر مابين 26 اغسطس سنة 1936 و23 يوليو 1952 .

راجع أحكام النقض بشأن تطبيق القانون السالف ذكره.

 

رابعا: أثاره:

طبقا للمادة 76 من نص قانون العقوبات المصرى التي تنص على أنه:  ((العفو الشامل يمنع أو يوقف السير في إجراءات الدعوى أو يمحو حكم الإدانة . ولا يمس حقوق الغير إلا إذا نص القانون الصادر بالعفو علي خلاف ذلك)).

أ) بالنسبة للدعوى الجنائية:

ـ إذا صدر هذا القانون قبل رفع الدعوى امتنع على النيابة العامة رفعها وهنا يكون لدينا حالتين:

الأولى: إذا كان قد بدا التحقيق فيها فللنيابة أن تصدر أمرا بألا وجة لاقامتها.
والأخيرة: إذا كان التحقيق لم يبدأ بعد فتصدر لنيابة قرارا بحفظها.


ـ إذا صدر القانون بعد رفع الدعوى ودخولها فى حوزة المحكمة فعلى المحكمة أن تمتنع عن الاستمرار فى نظرها كما تحكم بانقضاءها إستنادا لقانون العفو الشامل.


ب) بالنسبة لحقوق المضرورين والمدعين بالحق المدني:

وهذا الأمر يرتبط بقواعد القانون المدنى فيما يرتبه من أن كل خطا سبب ضررا للغير يلزم مرتكبية بالتعويض. 

كما يرتبط بقواعد قانون الاجراءات الجنائية حيث أن الاصل أن العفو الشامل لا يمس حقوق الغير الا اذا نص القانون الصادر على خلاف ذلك وهذا ما نصت عليه المادة 259\2 من قانون الاجراءات الجنائية التي تنص على أنه: ((نقضي الدعوى المدنية بمضي المدة المقررة في القانون المدني ، ومع ذلك لا تنقضي بالتقادم الدعوى المدنية الناشئة عن الجرائم المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 15 من هذا القانون والتي تقع بعد تاريخ العمل به . وإذا نقضت الدعوى الجنائية بعد رفعها لسبب من الأسباب الخاصة بها فلا تأثير لذلك في سير الدعوى المدنية المرفوعة معها)).

وهذا قاصر على أن تكون الدعوى المدنية تابعة للدعوى الجنائي.

وقد ينص قانون العفو صراحة على سقوط الحقوق أو الدعاوى أو الاحكام الصادرة فيه وهو أمر نادر الحدوث ولم يحدث في حالة القرار الصادر في حالتنا هذه. وإذا حدث يجب على الدولة تعويض المضرور من الجريمة.

خامسا: خصائصه:

ـ العفو الشامل ذو طابع موضوعى لأنه ينفى ركن من أركان الجريمة وهو الركن الشرعى ولكن قد تكون لة أثار إجرائية. 

ـ العفو الشامل يمتد ليشمل جميع المساهمين فى الجريمة بوصفهم شركاء .

ـ  له أثر رجعى يمتد حتى لحظة ارتكاب الفعل.

ـ  هذا العفو يصادر على سلطة التحقيق أو الحكم تجاه إعطاء أي تكييف الفعل .




سادسا: التطبيق العملي للعفو الشامل في حالتنا:

من الإطلاع على تصريحات مستشار الرئيس المتضاربة (تصريح 1 ، تصريح 2) بشأن قانون العفو الشامل أرى أن القرار الصادر والمتداول فحواه في وسائل الإعلام أعطى لفظا مطاطا ويحتاج للتفسير ومن الممكن الإختلاف عليه حيث لم يقطع بالحالات الإجرامية التي  تعد مناصرة للثورة من عدمه وأدخلنا في متاهة خضوع هذه التفسيرات لأمزجة شخصية حسب رؤية النائب العام والمدعي العام العسكري المكلفبن بتنفيذ القرار.

ثم بعد ذلك في حالة رفض السابق ذكرهم تطبيق القرار على أي من الحالات الإجرامية يكون له التظلم أمام لجنة للتظلمات ستشكل برئاسة نائب لرئيس محكمة النقض وعضوية أحد قضاة محكمة استئناف القاهرة وأخر من المحكمة العليا للطعون العسكرية يحددهم رئيس كل محكمة وتصدر قراراتها بأغلبية الآراء .

وهذا الأمر سيدخلنا أيضا في نفس الأمر الخلافي لعدم وجود معايير واضحة ومحددة لنوعية الأحداث أو الجرائم التي تخضع للقرار أو تنطبق عليه كما أن القرار لم يلزم أي أحد بأن يكون قرار الرفض مسببا كما حصنه من عدم الطعن عليه بأي شكل من الأشكال رغم عدم دستورية ذلك.

غياب هذه المعايير وعدم وضوحها للكافة تشكك في المصلحة المرتجاه من قرار العفو الشامل كما تظله بمظنة وشكوك عدم الحياد وغياب العدالة التي تعتمد على التجرد والعمومية.

وعلى الرغم من إشادة بيان مركز هشام مبارك بالقانون الصادر بالعفو إلا أنه تحفظ عليه في بعض النقاط:

1- استبعد الشرط الزمنى والموضوعى الوقائع التى ارتكبت لبواعث سياسية منذ 1981 وتمت محاكمتها أمام القضاء الإستثنائى أو العسكرى وهو الأمر الذى شرع مجلس الشعب فى مناقشته قبل أن يحل كأثر لحكم المحكمة الدستورية وهو جهد يصلح للبناء عليه.
2- استبعد القيد الزمنى الوقائع التى إرتكبت بعد 30 يونيو 2012 والتى ينطبق عليها الشرط الموضوعى كوقائع العباسية مثلا 

3- استبعد الشرط الموضوعى المواطنين العاديين الذين إكتووا بنيران القضاء الإستثنائى والعسكرى سواء داخل النطاق الزمنى أو خارجه خاصة الأحداث وصغار السن
يرى المركز ضرورة تضافر الجهود لما يلى:
أولا: حسن تطبيق القانون والتظلم من تطبيقه
ثانيا: الضغط سويا لتحقيق المزيد من الخطوات لتشمل الفئات المذكورة فى الملاحظات السابقة.

وفي بيان صدر سابقا من الأستاذ أحمد سيف الاسلام عضو لجنة الحرية الشخصية وضح فيه أن توصيات اللجنة استبعدت جرائم محددة من العفو الشامل :
وهي الجرائم التي سبق للجنة أن استبعدت تصور وقوعها بمناسبة أو بسبب أحداث الثورة واستبعدت وقوعها من ثائر؛ ومنها جرائم (القتل – التخابر – الاتجار في المخدرات - الإرهاب والبلطجة – الخطف – هتك العرض- الإغتصاب – الرشوة – سرقة المال العام – التعدى بسلاح على موظف عام أو مكلف بخدمة عامة – السرقة بالإكراه – جلب السلاح أو المخدرات عبر الحدود
).

ويتضح هنا أن بعض الجرائم المستبعدة من الاستفادة من قانون العفو طبقا لتوصيات اللجنة هي جرائم محال بها بعض متهمي أحداث الثورة للمحاكمة بشأنها ونفذ على بعضهم أحكاما صادرة من المحاكم العسكرية على هذه الوقائع.

فقانون العفو الصادر من الرئيس يفتقد لمذكرة تفسيرية تحدد وتفسر الألفاظ المطاطة الواردة فيه وتمنع التلاعب المتوقع حصوله من الجهات التي تختص بتنفيذ القانون.

ووإلا إذا لم يطبق القرار بالشكل الذي كان الشعب يبتغيه وانحصر دوره في استكمال الـ"شو" الإعلامي وتلميع الرئيس سيكون ذلك محبطا ومؤذيا كالحالة التي خرج علينا فيها مجلس الشعب بتعديل قانون القضاء العسكري يسمح بمحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية رغم ترويجهم أن هذا القانون المعدل يلغي المحاكمات العسكرية ولكنه كان كذبا ورياءا ونفاقا للبسطاء وليس بالكذب والرياء يكسب التأييد.

وفي حالة أن يكون القرار كذبا ورياء ونفاقا وهو اقرب إلى ذلك الأن.. فالسؤال ساعتها:

هل نحتاج من الرئيس مرسي العفو عن المتهمين منا أم هو الذي سيحتاج أن نعفو عنه؟

الثلاثاء، 2 أكتوبر 2012

المجد للذكريات (ماسبيرو)

للثورة طابع خاص .. وسيموفنيات حزينة تتدرج على سلم موسيقي بلا سوار، تعلو وتهبط مع دقات قلب المؤمنين بها والحالمين بتحقيقها.

للثورة رحلة مليئة بالسجالات والاشتباكات والشهداء والجرحى والثكالى.

للثورة تاريخ نسجله نحن في جزيئات دمنا الذي يجري بعروق انتفضت منذ إندلاعها في الخامس والعشرين من يناير.

أهم مراحل الذكريات والمشاهد التي يجب أن نتوقف عند تذكرها مشهد دهس المدرعات في ماسبيرو للمواطنين العزل الذين ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وتبدلت بهم الأسباب.

هذا المشهد العاصف بالنفوس والمحمل بنوات الإكتئاب التي ما زالت تلازمنا صباح مساء ولا تهجرنا في الأحلام والخيالات لا يدركه توثيق ولا يسجله مئة كتاب من كتب التاريخ ... لماذا؟

لأننا لو أردنا إفراد أسبابه ونتائجه وجدناه عصيا على أن يسيل في شكل كلمات على بعض الأوراق لكننا نحاول أن نستحضر الذكرى المؤلمة ليظل لدينا الحماس الراغب في أن نحاكم القتلة وأن نقتص من السفاحين وأن ننتقم من المجرمين فلا عدوان إلا على الظالمين.


المسيرة سلمية: 

يذكر تقرير لجنة تقصي الحقائق: أنه في ظل غياب الأمن وتراجع دولة المواطنة والقانون، ظهرت على مسرح الأحداث كنيسة المريناب بادفو بأسوان والتي وثق تقرير تقصى الحقائق الصادر من لجنة العدالة الوطنية المشكلة بقرار من رئيس مجلس الوزراء أنه تم حرقها وهدمها، بمعرفة المواطنين المسلمين فى القرية، بالرغم من حصولها على التراخيص وقبول كاهنها هدم الارتفاعات المخالفة وعدم تعليق صلبان أو أجراس لإرضائهم، وهو ما يمثل تمييزا صارخا ضد المواطنين المسيحيين، وقام المعتدون باحتجاز المواطنين المسيحيين لمدة ثلاثة أيام دون مؤن أو غذاء.
خرجت المظاهرة بأعداد متزايدة، تتجاوز خمسين ألف متظاهر، من شارع شبرا ما بين الساعة الرابعة والرابعة والنصف متجهة إلى ماسبيرو، وقطعت المسافة البالغة حوالي 5, 6 كيلومتر فى ساعتين تقريبا. وكانت المظاهرة سلمية بإجماع الشهود. و ضمت، إلى جانب المواطنات والمواطنين والأطفال المسيحيين، العديد من المواطنات والمواطنين المسلمين.  ولم يحمل المتظاهرون سوى الصلبان الخشبية أو البلاستيكية والأعلام المصرية واللافتات التى تندد بهدم الكنائس وتطالب بقانون موحد لبناء دور العبادة، مؤكدين أن المسيحيين مصريون وليسوا كافرين. كانت  الهتافات تؤكد ذات المطالب (شعارنا واحد غيره مفيش إحنا نموت كنايسنا تعيش - يا طنطاوى ليه مش سامع الكنيسة زى الجامع – أى ملة وأى دين مصر لكل المصريين – من أسوان لاسكندرية الأقباط دايما ضحية – مصريين مسيحيين مصر بلدنا ليوم الدين). كما كانت تندد بالحكم العسكرى وتطالب بسقوطه وتندد أيضا بالعنف الذى تمارسه الشرطة العسكرية،  بالإضافة لهتافات ذات طابع سياسى تطالب بالدولة المدنية وترد على بعض التيارات السلفية المتطرفة   (قالوا علينا الكفار احنا المصريين الأحرار - مصر دولة مدنية مش إمارة إسلامية – ياللا يا مصرى انزل من دارك لسه فيه مليون مبارك )، والهتافات التى تتوجه إلى الله  تعالى بالدعاء (يارب – كيرياليسون أي يارب ارحم باللغة القبطية القديمة)، كما كان عدد قليل من المتظاهرين يضع شارات كتب عليها (شهيد تحت الطلب). 

والجدير بالذكر أن الدعوة إلى المظاهرة والإعلان عنها وإخطار الجهات المختصة، كان قد تم من قيادات ائتلافات واتحاد شباب ماسبيرو وغيرهم من التجمعات قبل قيامها بثلاثة أيام على  الأقل، وذلك اثر أحداث مساء الثلاثاء الموافق 4 أكتوبر 2011 في ماسبيرو، حيث استخدمت قوات الشرطة العسكرية والأمن المركزي القوة المفرطة لفض المظاهرة ومحاولة الاعتصام بجوار ماسبيرو  من 700 إلى 800 متظاهر سلمى، وذلك بالضرب  ثم باستخدام المركبات المدرعة ، وفقا للشهادات الموثقة المقدمة للجنة.

 

 التمييز والطائفية:

يذكر تقرير لجنة تقصي الحقائق تاريخا مسيئا عاناه الأقباط في الدولة المصرية أهم احداثة تمثلت في :

أحداث الاعتداء على الكنائس وتراجع سيادة القانون :

تشهد مصر منذ 1970 عددا من العمليات من قبل جماعات العنف المسلح لبعض التيارات الإسلامية المتطرفة التي استهدفت المواطنين المسيحيين والكنائس. وكان من أبرز الأحداث حادثة كنيسة الخانكة بمحافظة القليوبية والتي صدر بمناسبتها تقريرا فى نوفمبر 1972 من لجنة لتقصى الحقائق برئاسة د. جمال العطيفى، تضمن توصيات من أهمها إخضاع تراخيص بناء أو ترميم الكنائس للقواعد العامة للبناء التى تسرى على بناء المساجد، وضرورة احترام حق المواطنين المسيحيين الدستوري فى ممارسة شعائرهم الدينية دون تمييز، بالإضافة لإتاحة تدريس الدين المسيحي للتلاميذ المسيحيين فى المدارس، على أن تتسم دروس الدين، سواء للمسلمين أو المسيحيين، بالبعد عن التعصب، وضرورة إخضاع المساجد الأهلية لإشراف وزارة الأوقاف. وتمثل بعض هذه التوصيات أهم المطالب التى لم يتم الاستجابة لها حتى تاريخ هذا التقرير، وهو ما يوضح سبب تكرار أحداث العنف ضد الكنائس والمواطنين المسيحيين، مادامت الحكومة المصرية لا تملك شجاعة مواجهة الأسباب الحقيقية للعنف الطائفي واتخاذ ما يلزم من إجراءات وسياسات وإصدار التشريعات لمعالجتها.
ونذكر منها على سبيل المثال الأحداث الآتية: كنيسة أخميم (1970) والخانكة (1972) والزاوية الحمراء (1981)، أبو قرقاص (1987)، إمبابة (1990)، ديروط وصنبو (1992 ) والكشح 1 (1998) والكشح 2 (1999 ) والاعتداء على كنيسة مارجرجس في الإسكندرية فى 2005 وأربع كنائس فى الإسكندرية فى 2006 ، و تلى ذلك حادث كنيسة العياط فى 2007 ودير أبوفانا بالمنيا فى 2008 وحرق كنيسة مارمرقس بالفيوم فى 2009، ثم جاءت مذبحة كنيسة نجع حمادي بعد صلاة قداس عيد الميلاد فى 2010 ، ثم أحداث تفجير كنيسة االقديسين فى الاسكندرية ليلة الاحتفال بعيد رأس السنة الميلادية فى أول يناير 2011.
ورغم المشهد المذهل للتلاحم بين فئات المجتمع المصرى خلال أحداث ثورة 25 يناير 2011، سرعان ما تبددت الصورة المثالية لهذا التلاحم الذى ظهر أثناء الثورة، وتجددت أعمال الاعتداءات على الكنائس وظهر ذلك فى حرق كنيستى " مارمينا ومارجرجس" فى قرية "صول" بمركز أطفيح محافظة حلوان فى 4/3/2011، والتي بدأت واستمرت بعدها مظاهرات ماسبيرو اثر حوادث أبو قرقاص فى المنيا فى أبريل 2011، وكنيستى مارمينا والعذراء بإمبابة فى مايو 2011، وأخيرا حادث هدم كنيسة الماريناب بأسوان الذي فجر المظاهرة وماترتب عليها من أحداث مذبحة ماسبيرو فى 9 أكتوبر2011 .
ورغم أن معظم الأحداث الطائفية الجسيمة اقترنت بالتشاحن حول بناء أو ترميم الكنائس، إلا أنها عكست العديد من الأبعاد الثقافية والاقتصادية والاجتماعية، إذ تمحورت حول مسائل التحول الدينى والزواج المختلط بين المسلمين والمسيحيين، والعلاقات العاطفية بين الشباب من الديانتين، والخلافات حول المصالح الاقتصادية. وساهمت الفضائيات خاصة الدينية، والإعلام الالكتروني على زيادة التعصب الدينى وانتشار لغة التجريح والتكفير.
وفى جميع هذه الأحداث التى استهدفت الاعتداء على المواطنين المسيحيين وحرق أو هدم الكنائس خلال العقود الأربعة الماضية ، تمت معالجة هذا الملفات من جانب السلطات العامة باعتبارها ملفات أمنية، وكانت الجلسات العرفية للصلح تحت إشراف الأمن والمشايخ والكنيسة هى الوسيلة الوحيدة المستخدمة لإطفاء الفتنة، وهو ما أدى إلى إذكاء الفتنة، حيث لم يتم استخدام الأدوات والوسائل التشريعية أو السياسية أو الاجتماعية والثقافية اللازمة لنزع جذورها والتصدي لأسبابها الحقيقية بحلول تنفذ على المدى القصير والطويل. كما حالت الخشية من تفاقم أحداث الفتنة الطائفية دون تطبيق القانون لمحاسبة وردع مرتكبي هذه الجرائم، أو الإسراع بمحاكمة الجناة خاصة فى جرائم القتل، وتراخى تنفيذ الأحكام القضائية، فاستمرت وتكررت الحوادث الدامية على نحو متواتر دون مواجهة حقيقية من الحكومة المصرية ، مما كرس لدى المواطنين المسيحيين الشعور بالتمييز ضدهم بسبب الدين، خاصة فى ظل ندرة شغلهم لمناصب قيادية فى مؤسسات الدولة أو عضوية المجالس النيابية وعدم تعيينهم فى بعض المناصب الحساسة مثل المخابرات العامة والرقابة الإدارية، فزاد انتماؤهم للكنيسة على حساب المشاركة السياسية والانتماء للوطن.

هل حدث ما يغير هذا الوضع ؟

هل صدرت قوانين أو اتخذت قرارات تمنع وقوع مثل هذه الأحداث؟

الإجابة: لم يحدث شيء حتى الأن. 

 

التحريض الإعلامي:

أتذكر مذيعة نشرة الأخبار "رشا مجدي" التي طلعت علينا بأكاذيبها المعدة سلفا طبقا لتوجيهات رؤسائها وبالغت في التحريض على قتل المتظاهرين الأقباط وكل من كانوا بمحيط ماسبيرو من المتضامنين حول قضيتهم .. وأندهش وأنا أكتب هذه التدوينة حينما أكتشف ببحثي على محرك البحث جوجل أنها ـ أي المذيعة ـ هي شقيقة زوجة علاء مبارك واسمها بالكامل رشا مجدي راسخ.
لا أعلم إن كانت هذه القرابة مؤكدة أم لا لكن هذا الإندهاش من صلة قرابتها وقربها من النظام البائد يمحو كل إندهاش لي كنت أخزنه من سلوكها وتصرفها نحو التحريض على قتل الأبرياء الذين كانوا على كورنيش ماسبيرو يوم 9 أكتوبر 2011 .

يذكر أن هذه المذيعة لها سابقة في أيام الثورة الأولى بالتحريض ضد المظاهرات التي خرجت في كامل ربوع البلاد والبكاء على حال رئيسها وولي نعمتها مبارك  .

التحريض والفتنة منهج تتبعه الدول الاستبدادية تجاه مواطنيها كي لا ينتبهون لمستقبلهم وبتصرفات حكوماتهم بأن يكونوا دائما مشغولين بنزاعاتهم وأمراضهم وخائفين على استقرارهم ليظلوا خاضعين لقرارات السلطة كعبيد يتلقون الإحسان ليس أكثر.
وهذا النوع التحريضي الذي يستطيع بأقل مجهود أن يشعل فتنة ومؤقتة  أو حرب أهلية صغيرة هو السلاح الأول الذي يستخدمه القتلة لتصفية المجاهدين ضدهم. كل ما يفعلونه هو إطلاق نباح كلابهم في الفضائيات والشاشات التليفزيونية ليستقطبوا فئة ضعيفة ضد فئة أضعف وليحملوا الأجواء بالكراهية والعنف ليجدوا مبررا فيما بعد للتدخل الرسمي العنيف وللقتل الممنهج وللقبض العشوائي.
ما فعله المجلس العسكري عن طريق التليفزيون الرسمي ونشرة الأخبار كان مثالا متكررا لما كان يستخدمه سلفه مبارك في نصب شباك التحريض والكذب حول الأبرياء والشرفاء. ولا يدل ذلك إلا على أن المجلس العسكري كان "خير خلف لخير سلف" أو كما يقول المثل الشعبي : "إبن الوز عوام" .. أو "اللي كلف مامتش".

وبعد الإعلان في التليفزيون المصري أن الأقباط يعتدون على الجيش، ظهر عدد من المواطنين المدنيين يحملون العصيان الخشبية والحديدية والأسلحة البيضاء (مطاوى - سكاكين - سيوف) وانضموا  لقوات الشرطة العسكرية فى منطقة جراج ماسبيرو وفى المناطق المحيطة بفندق رمسيس هيلتون ، وقاموا  بضرب المتظاهرين وسبهم باستخدام عبارات مضمونها  (الجيش والشعب ايد واحدة ضد النصارى) . ووفقا  لروايات الشهود فان هؤلاء الأشخاص كانوا من المدنيين المجهولين والبلطجية القادمين من المناطق  المجاورة لماسبيرو.

السؤال هنا: هل قدمت بلاغات للنيابة ضد هذا التحريض ؟!

الإجابة : نعم قدمت عدة بلاغات من أطراف مختلفة ضد من اشتركوا ومن هم مسئولون بصفاتهم الوظيفية عن نتائجه إلا أنه لم يحدث ذلك خبرا عند أهل القضاء والبركة في النائب العام المدافع الأول والحصن الحصين للمجرمين.


المدرعة المرتبكة:

على الجانب المواجه لمبنى ماسبيرو وبمحاذاة النيل فى اتجاه التحرير، كانت هناك أربع عربات جيب وخلفها ثلاث مركبات مدرعة فهد ومركبتين مدرعتين من حاملات الجنود يقفون جميعا ملاصقين للرصيف فى نفس الاتجاه .

بدأت المركبات المدرعة فى التحرك بعد دقائق قليلة من بداية استخدام الشرطة العسكرية للقوة لتفريق المتظاهرين ومنعهم من التقدم للمنطقة المحيطة بمبنى ماسبيرو، وهو نفس المنهج المستخدم لفض تظاهرة مساء الثلاثاء 4 أكتوبر. فتحركت ثلاث مركبات مدرعة، الواحدة تلو الأخرى، بشكل متلاحق وسريع فى شارع كورنيش النيل فى اتجاه كوبري أكتوبر، ثم تبع ذلك تحرك مركبتين مدرعتين فى نفس الاتجاه لكوبري أكتوبر. وكانت حركة المدرعتين الأولى والثانية بين المتظاهرين بالغة السرعة ودائرية، فغيرت خط سيرها من الاتجاه صوب كوبري أكتوبر إلى الاتجاه المعاكس صوب ماسبيرو. ونتيجة للسرعة الشديدة التى كانت تسير بها المدرعتان الأولى والثانية، قامتا بدهس عدد من المتظاهرين، ليسقط 12 من القتلى، بالإضافة إلى حوالي خمسة من الجرحى بإصابات بالغة، وفقا للبيانات المتوفرة حتى تاريخ تقرير لجنة تقصي الحقائق، وكل ذلك ثابت بموجب شهادات موثقة وتسجيلات حية لوقائع الدهس.

بعد عام تقريبا من وقوع أحداث ماسبيرو، التى راح ضحيتها 27 شهيدا وما يزيد على 165 مصابا. صدر حكم المحكمة العسكرية بالسجن لمدة عامين للجندى: محمود سيد عبد الحميد سليمان، 21 عاما، من قوة ك1 شرطة عسكرية، والجندى: كرم حامد محمد حامد، 21 عاما، من قوة ك1 شرطة عسكرية، والسجن لمدة ثلاث سنوات للجندى: محمود جمال طه محمود، 22 عاما من قوة س5 شرطة عسكرية، والتابعين جميعا للمنطقة المركزية العسكرية.



كان قرار الاتهام فى القضية المقيدة برقم (5441/2011 جنح عسكرية شرق)، يستند إلى نص المادة 238 (الفقرة 3) من قانون العقوبات، التى تعاقب على القتل الخطأ، وجاء فى أوراق إحالة النيابة العسكرية أن المتهمين الثلاثة قد تسببوا بخطئهم فى موت أربعة عشر شخصا، من المتجمهرين أمام مبنى اتحاد الإذاعة والتليفزيون، وكان ذلك ناشئا عن إهمالهم وعدم احترازهم، وذلك حال كونهم سائقى المركبات والمدرعات التابعة للقوات المسلحة، بأن قادوها بطريقة عشوائية لا تتناسب وحالة الطريق الزاخر بالمتجمهرين، مما أدى إلى اصطدامهم بالمجنى عليهم.

قتلت مدرعات الجيش أربعة عشر شهيدا .. وياللأسف قيدتها النيابة العسكرية واقعة قتل بالخطأ.

أي خطأ هذا الذي يودي بحياة أربعة عشر في لحظة واحدة. 

 

  الرصاص (فشنك أم حي)؟

بحسب معلومات تقرير لجنة تقصي الحقائق فإن: فى نفس وقت إطلاق الشرطة العسكرية لطلقات الصوت (الفشنك) فى الهواء لتفريق المتظاهرين، تم إطلاق أعيرة نارية حية على المتظاهرين من مصادر لم يمكن تحديدها بدقة، وسقط عدد 7 من القتلى والعديد من المصابين من المتظاهرين ، وكذلك سقط أحد القتلى وعدد من المصابين من أفراد القوات المسلحة (الشرطة العسكرية). وأفاد العديد في شهاداتهم أن الذخيرة الحية كان مصدرها الشرطة العسكرية، باستخدام البنادق الآلية ضد المتظاهرين ، وقد نفت القوات المسلحة إطلاق النيران على المواطنين، ويؤيد ذلك العديد من الشهادات التي أكدت استخدام الشرطة العسكرية لطلقات الفشنك ولم تستخدم الذخيرة الحية.

وقد أكد العديد من الشهود في شهاداتهم وقوع المصابين والقتلى نتيجة إطلاق الأعيرة النارية الحية، ولكنهم لم يتمكنوا من تحديد القائم بإطلاقها. ووفقا لروايات البعض، كان من أول ضحايا إطلاق النار الشهيد مينا دانيال أحد شباب ثورة 25 يناير والبالغ من العمر 19 عاما، كما أشارت شهادة أخرى إلى أن أول القتلى نتيجة إطلاق الأعيرة النارية الحية كان احد أفراد الشرطة العسكرية، وهو ما يؤيد أن المدنيين المجهولين أطلقوا النار على المتظاهرين والشرطة العسكرية.


ما ذكره تقرير لجنة تقصي الحقائق لا يقطع بمن المسئول عن القتل أو من الذي أطلق رصاصا حيا على المتظاهرين السلميين بماسبيرو لكنه يثبت وجود قتلى بإصابات نتجت عن الرصاص الحي .. أعتقد أن أمهاتنا هم من أطلقوا الرصاص وليست القوات المسلحة التي كانت تؤمن المكان وتمتلك الذخيرة والسلاح والتي اعتادت على القتل طوال فترة المرحلة الإنتقالية بكافة صوره وأنواعه ولدينا سجلا أرشيفيا متاحا على مواقع البحث والشبكات ـ لأحداث مشابهة ـ يؤكد أن المجرمين إن لم يكونوا من المجلس العسكري فهم من أعوان المجلس العسكري ولصيقين به.

المعلومات التي تتوافر لدينا الأن عن الواقعة ليست بأكثر مما توافر ساعتها لكن مجريات الأمور غيرت في شكل السلطة الحاكمة وأصبح لدينا رئيس منتخب من الشعب بديلا عن مجلس عسكري مكلف من الرئيس المخلوع.

فهل سيحاكم الرئيس المنتخب القتلة والمجرمين  في الذكرى السنوية الأولى لمذبحة ماسبيرو .. هذا ما ستجيب عنه الأيام القادمة؟

#حاكموهم