لحظة الميلاد هي لحظة الإنفصال والابتعاد The whole world must give the moon the chance to show its beauty
الاثنين، 29 ديسمبر 2014
الخميس، 20 يناير 2011
الجمعية الوطنية للتخدير

يستحسن بنا أن نرضى بالقليل ، وأن نعيش ما تبقى من عمرنا قانعين بمقدار الحرية والديموقراطية اللتان نتمتع بوفرتهما على مدار الثلاثة عقود الأخيرة ـ بحسب تأكيدات جرائد وطننا القومية .
يستحسن بنا أيضا أن نركز في لقمة العيش أكثر مما عليه تركيزنا الآن ، فلن ينفعنا كلام السياسة ولا سياسة الكلام ، بل أرشح لكم بدلا عنهما أن تشاهدوا أفلام السينما الكوميدية الحالية ـ المثيرة للاشمئزاز والشفقة ـ والتي تناقض بقوة فكرة إننا شعب ضحكوك أو قادر على الإضحاك .
هل كنت تبحث عن الأمل في تغيير الوضع الحالي ؟ هل كنت تتابع بشغف فكرة تكوين جمعية وطنية أو تكوين تحالف يناهض فكرة التوريث وتعديل مواد الدستور ؟
هل كنت ترجو أملا في فلان أو علان أن ينقذنا من ثعالب الحكومة وفخاخ قانون الطوارئ ؟
فإن كنت كذلك ، فلك مني ألف سلام على أحلامك الباردة ، وأود يا سيدي أن أخبرك بأنك كمن دخل محل كشري ليطلب أن يقدموا له سلطانية كوراع .
أما عن التخدير وفكرة الأمل ، فقد نجحنا في تناول جرعات الدواء الموصوف بعناية ، بدأ من الاستقبال الحافل للمخلص في مطار القاهرة ، وانتهاء بأغلبية كاسحة للحزب الوطني في انتخابات مجلس الشعب الموقر .
تعاطيك لفكرة الأمل تمنحك الصبر والرغبة في الاستمرار ، وتناولك لجرعة التخدير التي تغيبك عن مشاهد الضعف لتصحو فجأة وأنت مسلوب الإرادة ، على فراش المرضى ، وفي أمس الحاجة للراحة والاسترخاء والنقاهة .
وكان الأمل ، وكان سعينا لاهثين خلفه ، كالسراب ، لنكتشف بعدها أنه خراب ، لكن إطمئنوا ـ وهنا التخدير ـ فقد سعينا ، وما علينا في دنيانا غير السعي ، وربك كريم .
لماذا لا نرى الضوء في كل مرة ؟ لأننا اعتدنا على رؤية الظلام ، على العيش في الظلام ، تواعدنا على الاستسلام للأحلام الفاشلة ، وأعتدنا على التكيف ، فكل شعب وله مزاج ، ونحن قد ربينا أمزجتنا الخاصة على الوهم . نصدق الكذب ونتعاطاه عن رغبة وإرادة كاملتين .
ولذلك فإن حكومتنا ونظامها استوعبا هذه الفكرة ، ودشنا في عقولنا مستقبلات لهذه الأفكار ، وما أن نفيق من واحدة حتى نجرع أخرى ، ومن أن نخرج من حفرة وعرة حتى ننكفئ في جب أكثر وعورة وعمقا .
كنا كأفران النيران التي تطلب الزيادة من الحطب فأطعمونا حبوب الوهم واستزدنا بشراهة ، فقط يكفيك أن تنظر من خارج الدائرة بالعين المجردة وليس بأي وسيلة أخرى على أخر ثلاثين سنة مضت ، ستجد يا صديقي العزيز أن الكوابيس التي حلمنا بها تكررت بشكل يدعو للسخرية ، فلقد لدغنا من نفس الجحر ملايين المرات ، إنها يا سيدي نفس واقعات الفساد ، نفس قضايا الإستيلاء والإختلاس ، نفس أحداث الفتنة والإرهاب ، نفس أضرار الإهمال الوظيفي للوزراء الوطنيين .
إذن أين الأمل ؟ ومن أين ينبع الحلم ؟
أترك لكم الإجابة .. فليس لدي جواب .. ليس لدي معطيات أستدل بها على نتائج قادمة .