الجمعة، 18 نوفمبر 2011

شيء ما


ملحوظة : الصورة منقولة من موقع إلكتروني


البنت التي تخترق زحام عقلك ركضا إليك .. فتلثمك بقبلة بريئة لتنعش ذاكرة الماضي لديك .. ثم تعانقك بذراعيها القصيرتين بعشق ولطافة وخفة وردة في حضن نسيم الربيع، ترفع عنك حرج اللحظات الأولى للقاء أول، تقطع عليك كل محاولات الهروب، أو الإنزواء تحت سقف الخجل .

البنت ذات الضفيرتين تكشف عن أنوثتها البكر أمامك .. تتطلع في عينيك العسليتين اللتين لا ترى بهما غير الظلام وخيالاتك التي نسجتها فيه .. ولا تستطيع تحقيقها خارجه . تتأملك وتدعوك لمغازلة عقلها وذكائها !! وانت في وسط نيران الغريزة الدنيئة الحارقة .

البنت التي تسمع دندناتها وهي تلبس خواتمها أمام مرآتها التي تطل على دنيا ضيقة من أربعة جدران وسقف ليس لها نوافذ أو أبواب للخروج، تغني دائما للحرية والطيران وللوحدة .

هذه البنت هي الحقيقة التي تعجز عن رؤيتها في أحلامك القليلة، والتي تفتقد هي أيضا الأمل في اكتساب مرضاتك، روحاكما بعيدتان غالبا، ضالتان ملّتا هجر اللحظات السعيدة والسكون .

في الليلة الماضية طلبت منها ابتسامة ناعمة بنفس مقاس فمها الصغير كي يرحل عن قلبك بعض غمام المساء الكئيب، لكنها كانت قد فقدت نعومتها تلك .. فجاءت ابتسامتها ساخرة خشنة بطعم الليمون اللاذع وأثره الكاوي على الجراح الجديدة، فانتبهت أنت إلى سقوط شعرك الخفيف على الطاولة التي أمامك مع قطرات دموع الوحشة والاشتياق للطفل الذي بداخلك، أخذك النوم ليلتها إلى بحر هائج وقمر غاب عن سماء سوداء كاحلة .

صحوت مرغما على صوت دقات الساعة التي ترتكز على حائطك المشقوق وقد فقدت عقاربها، لم يعد لوقتها أهمية أو معنى، أصبحت دقاتها متشابهة ودوراتها وهمية .. فتروسها تعمل خلف مناطق الزمن وخارج حدوده .. أما أنت فأصبحت كالحائط، لا فرق بينكما، غير أنه للأسف، الشقوق التي بداخلك أوسع وأكثر عمقا .

الأربعاء، 2 نوفمبر 2011

علاء عبد الفتاح يكتب من خلف القضبان : عودة لسجون مبارك ‎


 

لم أكن أتوقع أن تتكرر التجربة بعد مرور خمسة أعوام ، بعد ثورة أطحنا فيها بالطاغوت ، أعود الى سجونه؟ 
تعود اليّ ذكريات الحبس ، كل التفاصيل، من مهارات النوم على الأرض مع ثمانية زملاء في زنزانة ضيقة (2X 4 أمتار) لأغاني السجن وحوارات الجنائيين.
ولكني أعجز تماماعن تذكر كيف كنت أحافظ على نظارتي أثناء النوم. دهست ثلاث مرات في يوم واحد. أدرك فجأة أنها نفس النظارة التي صحبتني في حبسة القضاة .
وأني محبوس الآن، احتياطيا أيضا، على نفس نوعية التهم الفضفاضة والأسباب الواهية لتلك الحبسة،الفرق الوحيدأننا استبدلنا نيابة أمن الدولة بالعسكرية
تغيير يليق باللحظة العسكرية التى نحياها. المرة السابقة شاركني الحبس خمسين زميلا من "كفاية" أما الآن أنا وحيد، يشاركني ثمانية مظاليم، المذنب منهم مظلوم كما البرئ. ما أن عرفوا اني من "شباب الثورة" حتى انطلقوا في لعن الثورة وكيف أنها فشلت في "لمّ" الداخلية أقضي أول يومين استمع فقط الى حواديت التعذيب على يد شرطة تصر ألا تنصلح، بل وتنتقم لهزيمتها على أجساد الغلابة، البرئ منهم والمذنب
من حواديتهم أكتشف حقيقة الانجازات العظيمة لعودة الأمن. اثنان من زملائي يرون الأقسام والسجون لأول مرة، شباب بسيط بلا ذرة عنف وتهمتهم؟ تشكيل عصابي!
نعم، أبو ملك وحده عباره عن تشكيل عصابي مسلح. الآن عرفت ما تقصده وزارة الداخلية وهي تخرج علينا كل يوم بأخبار القبض على التشكيلات العصابية .
في الساعات القلية التي يدخل فيها نور الشمس الزنزانة المظلمة دائما، نقرأ ما نقشه بخط عربي بديع على الحائط زميل سابق.
أربعة حوائط من الأرض للسقف مغطاة بقرآن ابتهالات وأدعية وخواطر ، وما يبدو كرغبة طاغية في التوبة.
نكتشف في الركن تاريخ اعدام الزميل ويتملكنا كلنا البكاء. يخطط المذنبون للتوبة. أما الأبرياء فلا يعرفون ماذا عليهم أن يفعلوا ليتفادوا نفس المصير.
أسرح عنهم في الراديو، وأستمع لخطاب سيادة اللواء وهو يفتتح أطول علم في العالم، الذي سيدخل بالتأكيد موسوعة جينيس للأرقام القياسية.
وأتساءل: هل الزج باسم الشهيد مينا دانيال كأحد المحرضين في قضيتي رقم قياسيفي الصفاقة؟ على أساس أنهم أولمن يقتل القتيل ولا يكتفي بالمشي في جنازته.
أنهم أول من يقتل القتيل ولا يكتفي بالمشي في جنازته، وانما يبصق أيضا على جثته ويتهمها بالجريمة أو ربما تفوزهذه الزنزانة بالرقم القياسي في عدد الصراصير؟ يقاطع أفكاري أبو ملك : "والله العظيم لو ما نصفت المظلوم، الثورة دي مش هاتنجح
اليوم الثالث : 1 - 11- 2011 الزنزانة 19 ، سجن الاستئناف ، باب الخلق 
--------------------------------------
نقلا عن جريدة الشروق 2/11/2011