السبت، 3 يناير 2009

ليتنا بلا وطن

لن نكتفي نحن الشعب المأسوف على شبابه إلا بضياع كل شيء من يديه .

ضاعت في الليالي الفائتة أحلامه الباردة كما ضاع صيفه وشتائه .

ضاع من وطنه لون ترابه وطعم مائه .

ضاع منه ذاكرة مليئة بالأمال العريضة .

يا خجلي الذي تمرد عليه لون الأحمر المميز له فلم يعد ساكنه .

تحولت أعيادنا إلى نكبات وحوادث ، كما تحول المجد والقوة إلى ذل ومهانة وانكسار ، وشبعت بطوننا من النفاق والكذب والرياء ، لم تعد لنا أي بطولات و نجاحات ولا سبق لنا إلا في الهم والذل ، فكلنا في الهم والجوع والفقر والمرض سواء .

في هذا الوطن الكبير الذي يمتد بفخر وعزة ـ منسيين ـ من المحيط إلى الخليج ، تتحول كرات اللهب المحرقة إلى كتل من الثلج بفعل برودة أعصابنا ، وسخافة مقامنا .

في ذات الوطن الكبير مساحة والصغير قيما وعدلا وهيبة ، لم يعد لنا أي تذكارات نأخذها حال سفرنا غير صور قتلانا وتشرد أطفالنا وجوع امهاتنا ومعارك قادات الأمة وعقولها على الزعامة والكِبر المريض .

حتى في وسط أزمتنا القديمة ـ فلسطين ـ وحكاياتها التي لا تنتهي ، لم نعد مخلصين لها ولم نعد قادرين على فهم أحداثها .

قرأت في أهرام الجمعة عن إعلان بتبرع إحدى الشركات لأهالي غزة بمبلغ مليون جنيه للمرة الثالثة على التوالي خلال ثلاث أيام ، ولكن للأسف لم أر في هذا الإعلان إلا كل رياء ونفاق .

أنا لم أدخل في نية أحد ولم أحكم على غيب ، إلا أن البديهي هو إخراج الصدقة في السر لا في العلن ـ إن كانت هذه من الصدقات ـ أما وأن يظهر اسم الشركة بمقدمة الإعلان واضحا جليا بالإضافة إلى تمييزها بكتابة ( شركة مصرية 100% ) ، لا يكون في وجهة نظري الضعيف المحدود إلا كل نفاق وتربح من أزمة عربية .

نعم . فنحن حولنا مآسينا إلى وسيلة مربحة بإعلان عن تفضل شركة ـ مصرية حتى النخاع ـ إلى التبرع لشعب مهزوم في فكره وعقيدته وحقه .

وطن عجيب ومواطنون أعجب .

وطن يستعذب ألامه وجراحه وينكأها بقوة ليشعر براحة شاذة .

وطن يغريك بالهجرة منه أكثر ما يحثك على البقاء فيه .

وطن يخذلك كلما تناصره ، وقلما تجده إلى جانبك .

وطن يحبك فيدعوك للموت صريعا بين أحضانه ، ويناشدك ألا تموت على سواحل أوطان أخرى .

وطن بلا التزامات عليه بكل ما فيه واجبات عليك أنت وحدك كشعب .

وطن لم يعد له شيئا يعطيه ، فالغرباء أخذوا منه ما كان فيه ولم يبقوا لك غير البكاء على الأطلال .

سيستمر هذا الوطن الخراب في المناشدة والنصرة والتشبث بك إلى أخر نفس في حياتك .

وعند تحقيق ذلك منك سيعطيك هذا الوطن المستعار ظهره ولن يستقبلك غير ملك الموت .

وطن مجزأ إلى طوائف عديدة وشيع كثيرة وأقليات مزعومة ، ولا أحد يجتمع فيه إلا على الفرقة .

وطن تجرعنا ترابه حتى أعيانا ، وسكنا تحت سقفه حتى انهد علينا .

فيا ليتنا بلا وطن .

يا ليتنا لم نكن في هذا الزمن .

هناك 5 تعليقات:

غير معرف يقول...

?من السبب في المحرقة

الاحداث الاخيرة في غزة و التي تقع دائما في فلسطين سببها المباشر الغطرسة و التدخل الهمجي للعدو الصهيوني الغاشم.

كلنا متفقين على ان الكيان الصهيوني يسعى للسيطرة على المنطقة باعتباره الشعب المختار كما يقول و استنادا الى اسطورة ارض الميعاد من الفرات الى النيل يعني ان اسرائيل تسعى بجميع الوسائل الى تحقيق هذا الحلم.

لكن السبب الاكبر في ما يحصل و ما سيحصل هم حكامنا العرب الذين باعوا ارض فلسطين الى اليهود بحكم اتفاقيات السلام بل اتفاقيات العار و الذل

السبب هو التحالف الواضح للقوى الخائنة في فلسطين و اعني بها فتح مع العدو الصهيوني

السبب في ان كل هذا يحصل هو خوف المسؤولين العرب على كراسييهم الوثيرة من ان يفقدوها اذا كانت منهم اي بادرة تعاون مع شعبنا الباسل في غزة

ربما قد اكون مخطئا لكن كيف يمكن تفسير الصمت العربي على حصار غزة كيف يمكن ان نفهم السكوت على محاصرة الشرعية و التعامل مع القوى اللاشرعية-فتح-والتفاوض معها باسم الشعب الفلسطيني وهي ابعد بكثير من ان تمثله

كيف يمكن ان نفسر مصافحة شيخ الازهر لرئيس الكيان الصهيوني و ابناء غزة تحت وطاة حصاره.

كل هذه الاسئلة تحيلنا الى ان دماء شهداء الامة في محرقة السبت الاسود في اعناق ساسة بلداننا العربية

و سياتي يوم ليس ببعيد سيرد الصاع صاعين و يعود الحق لاصحابه

Ahmed Hishmat يقول...

أخي assafo anaroze
من السبب في المحرقة ؟
أعتقد أنه لكل منا ضلع في بناء السبب
الذ أودى بشرفنا وكرامتنا وكياننا
إلى مستنقع الذل
إلى جرف هار فانهار بنا
لم نزل خاضعين
متواطئين
يتهم بعضناالبعض بالخيانة
ولا أحد أصدق من أحد

هاني رمضان يقول...

ده رقم حساب بنكي يتم من خلاله التبرع لصالح غزة
تم عرضه في برنامج القاهرة اليوم
(25015) بنك بيريوس

مجلة الأم الصغيرة يقول...

أنا كنت جاية أرد عالأسئلة الملحة
بس شايفة التوقيت غير مناسب

حقا .. يا ليتنا بلا وطن !!!

Ahmed Hishmat يقول...

هاني رمضان
شكرا لمرورك
وربنا يديم عليك فعل الخيرات

******************
*****************
كاريمان العزيزة
ازيك
وحشني تعليقك
معلش أنا مقدر ظروفك