الثلاثاء، 9 نوفمبر 2010

Retelling, revising: 'Ana al-Hekaya' conquers stereotypes through storytelling



Last Saturday, an evening of storytelling was held by the Ana al-Hekaya (I Am the Story) group at the American University in Cairo. The packed hall was buzzing as the eager audience waited to be told a tale. But, as the lights lowered dramatically, a silence fell over the room. The storyteller was about to take the stage.

Ana al-Hakaya was founded by four writers from the Qalat al-Raweya (The Novel’s Citadel) project, developed by the Women and Memory Forum.

In 2009 Ana al-Hakaya was established as an independent group of academics and writers with the aim to represent Egyptian woman with a positive image through their own feminist perspective.

The group also organizes workshops for reviving this image in the minds of a younger generation of writers, academics and researchers.

The stories they tell are based on actual experiences, researched by Pathways for Women’s Empowerment, one of the group’s projects, under the supervision of AUC’s social research center.

Sahar al-Mogy, novelist, academic and storyteller, narrated the first story, “Hata Yaktamel al-Kamar” (Till the Moon is Full) in a soft, sad tone to convey the helpless state of a rural woman who suffers from her husband’s negligence.

The story opens with the woman’s child asking, “When will the moon become full?” After pausing, the mother replies, “The moon cannot be full on its own, the whole world must give it the chance to show its beauty. The moon is moving, but if the world does not move with it, no one will be able to enjoy its light.”

Author Ahmed Heshmat’s descriptive story takes the moon as its main symbol in order to talk about the woman’s struggle. The moon represents all women, who need greater society to stand by her side and support her so that she can achieve her potential and appear as her full self.

“Kaydahom Shamaa” (Lighting Them as Candles) was al-Mogy’s second narration. “Kaydahom Shamaa” is a well-known Arabic expression conveying the idea of dedicating one’s whole life to please someone else. But the title has another profound meaning that al-Mogy slowly and skillfully revealed to the rapt audience.

Al-Mogy told a story of a mother who gave up playing the piano due to her disastrous marriage, which she bears for the sake of her children. But one day after she refuses to submit to her husband’s physical abuse, “her fingers light like candles.” This expression was perfectly expressed through the narrator’s gestures, inciting the audience to picture the mother bringing back the light of hope through playing the piano again.

At first, the two stories seem to have identical themes of female empowerment, dignity and free will. But at the heart of the second story is a battle, its ending conveying the necessity of standing up against oppression from men.

“Al-Sakka Mat” (The Waterseller is Dead) sheds light on the possessiveness of Egyptian men toward their women.

The story is a dialogue between an engaged couple. Dawlat Magdy, the narrator, used two different voices to cleverly switch from one character to the other. The man imposes restrictions on his future bride. She is not allowed to participate in household finances, she must wear loose clothes and abide by all his decisions without any negotiation.

Magdy’s sharp tone emphasizes the man's demanding personality. The woman's tone, in replying to her fiancé's demands, is sarcastic. “Al-saka mat” is another popular Egyptian proverb, illustrating the woman's total denial of her betrothed's old-fashioned concept of dominating woman.

“Gamal Ashmawy," the title of another story as well as the protagonist’s name, tackles another element of our patriarchal society.

Ashmawy is a newly divorced man who wonders why his wife has abandoned him through seeking khula (khula gives an Islamic woman the right to separate from her husband by returning the dowry).

Ahmed Heshmat, the storyteller, listed all the protagonist’s offenses, such as throwing his wife’s books out of the window, taking most of her salary and beating her. From the deluded perspective of the abandoned man, these things seem perfectly normal.

Despite the protagonist’s immoral actions, Heshmat succeeded in adding humor to his negative traits, making the story both poignant and hilarious, and effectively conveying the stereotypical Egyptian marriage and the heroic woman who abandoned it

-----------------------.

ممكن تشوف الموضوع في موقع جريدة المصري اليوم بالإنجليزية... هنا

السبت، 23 أكتوبر 2010

مكتوب

كتب الفؤاد بالدفا والضم والألوان
كتب الفؤاد أحلام منسية ومرمية
وحكى الكتير ع الجفا والصد والإنسان
شافها الغريب عدى ملقاش لها غية
تعبيره كان بالنفي ولا كانش ليه عنوان
ولا كانش ليه حبه ولا كانش ليه نية
كتب الفؤاد أمره مخترش غير سجان
لما قبل يالهجر والقرب كان دية
بين الهوى والمر عاش الفؤاد أحزان
صبح الفؤاد شارب غفلته .. ( هيه )
شاف الكلام يتمنع كان الكلام غلبان
دا اللي يدوق الحب عايشها ف وسيه

الجمعة، 22 أكتوبر 2010

موواويل الجندي


محمود الجندي فنان وممثل موهوب ، خط عريض بارز وسط خطوط كتيرة رفيعة ، بحبه لما يغني ، وخصوصا لما يقول مواويل .. ماتيجي نسمعه ونتسلطن بأداء رائع ليه في مواويل شعبية لذيذة :)

الاثنين، 11 أكتوبر 2010

في لحظة إبداع




أحتاج إلى عينين ..

وكفين وديعين ..

وكذلك شفتين ..

أحتاج لخدين ..

قرط ذهبي كالدائرتين ..

ولقلب ينبض ما بين اثنين ..

كي أرسم لوحتنا وأسدد دين

الخميس، 30 سبتمبر 2010

الرسالة

تخيل أنك تنظر إليّ، تخيل اضطرابي ولجلجتي وإنفعالي توترا حين لقياك، تخيلني وأنا أركض خلفك ويدك اليمنى تشدني بقوة على طريق الكورنيش الذي إنشئ للعاشقين أمثالنا ، تخيلني وأنا أتنهد أمامك من التعب ومن اللهفة عليك حينما تركتني لتطارد بعض الصبيان الذين تهكموا علينا ونحن سائرين في إحدى الشوارع الجانبية المظلمة .
هل تخيلت ؟ أم تحتاج بعضا من حكاياتي المسائية التي كنت أقصها عليك لكي تجذب النوم إلى شطوط عينيك السمراء؟ وهل تذكرت صباحنا ونحن راقدين كل منا في سريره لكي ينعش الأخر بما تناوله مؤخرا من أحلام الليل الهادئة ؟
أقسم لك أني كنت أراك كل ليلة في منامي وكنت دائما أتخيل صورتك بجواري كي أنام. وأعرف يقينا أن نهارك دائما ما تمتلأ سويعاته برائحتي وصوتي وتراتيل أغنياتي التي نعشقها معا وندندنها معا .
حبنا هذا الذي كان قاب قوسين او ادنى من الفشل لا يقهر أبدا ، فكلما تطوعت أنت في هدم جزء منه تكاثر ليبني في قلوبنا أجزاء واجزاء وأجزاء ، رفة الأعين بيننا بعشق ملايين أخرين ، وتنهداتنا بحب مشغولين هائمين ، فليس كل محب شغوف ولا كل عاشق متيم ملهوف .
اتسمع دقات قلبي ؟ لكم وددت أن أتسمع دقات قلبك وأنا واضعة رأسي على جانبك الأيسر ، ولكم تجاوزت حدودي معك ، لكني أعرف أنه ليس بين المحبين حدود وفواصل .
سمرتك ونظارتك طريقتك وأنت تأكل قطعة الشوكلاته تبعث في نفسي لهيب الشوق إليك، وترسل إشارات وعلامات ليس بينها حُجُب بأنك من تمنيت لتكون حبيبي فكنت، أعرفك منذ بدايتي رغم عدم لقائنا ، كنت تأتي إلي طيفا وروحا برية لتلملم حزني وألامي التي ضايقتني كثيرا.
كنت أعرف لونك واسمك حتى قميصك الأبيض كان معلوما لدي.. ألم أقل لك بأني كنت اعرف عنك كل شيء ، صدقني .. فالمحبون يرون بعين الروح ويطالعون مستقبلهم في صفحات نومهم .
هذه أولى رسائلي إليك ، بعد لقائنا الأول ، أرجو أن تردها علي بما يشبع نفسي ويسكت لهفتي ، يا ظلي الذي تركته في البلاد البعيدة أنا روحك التي تنتظر جسدها لتعيش بين مفردات الحياة .. فلا تتأخر عليّ .
حبيبتك (وفاء)ـ


الاثنين، 27 سبتمبر 2010

لحظات استمتاع

  1. جزئين التصقا على فراش وثير ناعم شبه مستطيل ، بعد المسافات الذي كان يغلفهما زادهما شوقا لارتعاشات لطيفة محببة ، ودا لو يجتمعا إلى أخر الدهر وأبد الأبدين .

    لون محبتهما الزيتي السائل كقطعة شوكلاته التي ساحت بفعل الحرارة يوهجهما ، ويضيئ عينيهما إضاءات وقورة لامعة ، يشم خلالها كل منهما أحضان بعضهما لحظة الضم والافتراق .

    _ (( أه .. كم من ليل تركته يمضي يا حبيبتي دون أن يخبرني مدى جنونك بي ، وكم من نهار تركني دون أن يطلعني على صورتك ، أو يرسل إلي صوتك المتقطع الهائج .

    أراك كما تشائين وكما يحلو ليه يا زاهرة .. تدللي علي قليلا ، بل كثيرا ، وانزعي مني إرادتي رغما عني )) .

    حبات اللؤلؤ التي بين شفتيها يود لو يقطفها بلسانه ، يحاول مرة أخرى فتصده ممتنعة مما يزيده رغبة وولعا ، يدغدغ أنفها بأنفه ، يدير مفتاحها فتسري كهرباء الوصال لتنتج هزات رقيقات ، (( وما أمتعها من هزات )) .

    _(( لملم ما شئت مني ، فلن تفلت ، فأنا الآن فريستك ، وأنت اصطيادي ، مرت الأوقات التي ضيعناها معا ترفا وتمنعا ، أما الآن فلا مفر منك ، ولا ملجأ مني )) هكذا يسمعها أو يتخيلها تقول .

    تحرك عنقها ليسقط بن يديه ، وتغمض عينيها وعلى وجهها ابتسامة الاستمتاع ، ليسافرا ضد تيار الريح معا ، يضغط على كتفيها بكفيه ليعلو درجات سلمها ، لافحا وجهها بأنفاسه الساخنة .

    يرى في عيونها أبار مياه الحياة فيبحث داخلها عن الارتواء ، ويسبح .. يسبح كي يهتدي إلى شطوطها ، ويتقلب كما لو أنه سقط على جمر من نار ، ويضيف على تقلبه أهات لا تعرف مصدرها .. أهو يتوجع أم يمارس طقوس استمتاعه المكتوم .

    كل لفتة منها تدله على الكثير ، وكل حركة منه من أجلها ولأجله فقط ، لا يردعه انحناءات الطريق ولا وعورته ، فهو كاشف له قديم .

    وعلى الرغم من سرعتها وثورتها تحته إلا أنها تظل تحت إمرته ، بل همها الشاغل أن يكون من اعتلاها على مقربة دائما لكي يحيطها الدفء والأمان ولكي تسري فيها الروح ، مكتوب عليها ألا تمارس حياتها إلا بين يدي حبيبها ، فكل لحظة شوق تمر عليها بعيدا تكون هي في غمار صمت راهب رهيب .

    ـ (( يا عشقي الأول والأخير .. أعدك ألا أهملك ثانية ، ها قد مضى ثلاثون يوما ونحن بعيدين عن بعضنا ، عرفت منك أنك لم تكوني سعيدة أبدا في هذه الأيام الماضية .

    دراجتي البخارية .. لقد مضت فترة الصيانة والإصلاح .. ونحن الآن في أحضان الريح والطريق .. فاستمتعي بي )) .

الاثنين، 6 سبتمبر 2010

محروسة من التغيير

قاربت أن أتمم من العمر ثمانية وعشرين عاما قضيتها جميعها إلا قليلا على بر هذه المحروسة والتي لم أعي رغم احتفاء التاريخ واحتفاله على مدار السنين التي انقضت في وجودها بتلك الصفة " المحروسة " .

أحس أننا كمن يعيش على ظهر سفينة تجري في عرض البحر تتقاذفها الأمواج العالية والرياح العاتية والأرواح الشريرة .. لا يملك قبطانها من الأمر شيئا ـ معذور هو فليس لديه صحة ولا نفس أو مجهود ينفقه فداها أو لأجلها ـ يغيب في غيبوبته ويصحو على خبر إنقطاع الكهرباء عن مرضى المستشفيات الحكومية بعد أن أصبحوا مرحومين .. فيتثائب ، أو يصحو من سباته على تسمم الفلاحين الكادحين بمياه الصرف الصحي والتهام الكبدي الوبائي لهم بالملايين فيمد ذراعيه " ليتمطع " .

يطلع عليهم كل عام بسحنته التي أكل عليها الدهر وشرب ليحتفل معهم بذكرى ضربته الجوية الحديدية الفولاذية ، التي أنشأت المترو والبنية التحتية .ش

هذه البنية التحتية التي دائما ما يفتخر بها وبإنشائها دائما " الحزن " الحاكم الجاثم على صدور وقلوب الشعب المطاوع المهاود ، إلا أنك حين تبحث عن البنية فإنك لن تجد يا سيدي تحتية ولا فوقية ولا جانبية ، وفتح عينك تأكل ملبن .

على أي شيء هي محروسة إذن ، ومن هو حارسها .. ستقول لي بملء فمك : الله ، أقول لك : ونعم بالله .. لكنني يا سيدي أحدثك عن البشر ، عن صناع الحياة ، عن الثمانين مليون نائم وخامل وضائع وصايع ورد شوارع .

أحدثك عن الشباب الذين يجتمعون لينفذوا تحرشاتهم بدأب ليلات الأعياد إحتفالا وبهجة ببلوغهم سن الهياج ، أحدثك عن الشحاذين الذين يمدون الأيادي بكل تفان وإخلاص وهمة فلا يتركونك إلا وقد أخرجت من جيبك ما يطلبون وإن لم تخرج .. فقط ببنطالك هم خارجين .

أحدثك عن الفلاحين الذين يزرعون البرسيم دأبا عوضا عن القمح لتأكل البهائم وتشبع وليمت أكلو خبز الحكومة في طوابير التلاحم والزحام .

لون هذه البلد أصبح رماديا باهتا بطعم مرير مسموم ، وهواءه ملوث خانق تعلو أجوائه سحابة سوداء وترتفع درجة حرارته لأعلى درجات الغليان الإجتماعي والسياسي المرشوش ببعض بهارات الفتن الطائفية والطبقية وسلم لي على اللصوص و" الحرامية " .

هل لديك حل لإنقاذ 80 مليون فرد معوز محتاج قصير اليد والعين والعقل ؟ هل لديك أجوبة عن ولعهم بالخنوع الذي يسمونه رضا ، وبالقهر والتعذيب الذي يسمونه قلة حيلة وقدر .

ينتظرون أن تأتي إليهم ملائكة السماء برياح التغيير دون أن يصيبهم أذى أو رهق . يحبون أن يقفوا على عتبات الدار ويجلسوا على الحيطة لكي يروا الزيطة ويسمعوا الزمبليطة دون أن يفكروا بأن يمسحوا من على أقدامهم نقش الحناء

السبت، 12 يونيو 2010

سفر التكوين ـ لأمل دنقل

(الإصحاح الأول)
في البدء كنت رجلا.. وامرأة.. وشجرة.
كنتُ أباً وابنا.. وروحاً قدُسا.
كنتُ الصباحَ.. والمسا..
والحدقة الثابتة المدورة.
… … …
وكان عرشي حجراً على ضفاف النهر
وكانت الشياه..
ترعى، وكان النحلُ حول الزهرُ..
يطنُّ والإوزُّ يطفو في بحيرة السكون،
والحياة..
تنبضُ - كالطاحونة البعيدة!
حين رأيت أن كل ما أراه
لا ينقذُ القلبَ من الملل!

* * *

(مبارزاتُ الديكة
كانت هي التسلية الوحيدة
في جلستي الوحيدة
بين غصون الشجر المشتبكة! )



(الإصحاح الثاني)

قلتُ لنفسي لو نزلت الماء.. واغتسلت.. لانقسمت!
(لو انقسمت.. لازدوجت.. وابتسمتْ)
وبعدما استحممت..
تناسجَ الزهرُ وشاحاً من مرارة الشفاهْ
لففتُ فيه جسدي المصطكّ.
(وكان عرشي طافيا.. كالفلك)
ورف عصفور على رأسي؛
وحط ينفض البلل.
حدقت في قرارة المياه..
حدقت؛ كان ما أراه..
وجهي.. مكللا بتاج الشوك


(الإصحاح الثالث)

قلتُ: فليكن الحبُ في الأرض، لكنه لم يكن!
قلتُ: فليذهب النهرُ في البحرُ، والبحر في السحبِ،
والسحب في الجدبِ، والجدبُ في الخصبِ، ينبت
خبزاً ليسندَ قلب الجياع، وعشباً لماشية
الأرض، ظلا لمن يتغربُ في صحراء الشجنْ.
ورأيتُ ابن آدم - ينصب أسواره حول مزرعة
الله، يبتاع من حوله حرسا، ويبيع لإخوته
الخبز والماء، يحتلبُ البقراتِ العجاف لتعطى اللبن

* * *

قلتُ فليكن الحب في الأرض، لكنه لم يكن.
أصبح الحب ملكاً لمن يملكون الثمن!
.. .. .. .. ..
ورأى الربُّ ذلك غير حسنْ

* * *

قلت: فليكن العدلُ في الأرض؛ عين بعين وسن بسن.
قلت: هل يأكل الذئب ذئباً، أو الشاه شاة؟
ولا تضع السيف في عنق اثنين: طفل.. وشيخ مسن.
ورأيتُ ابن آدم يردى ابن آدم، يشعل في
المدن النارَ، يغرسُ خنجرهُ في بطون الحواملِ،
يلقى أصابع أطفاله علفا للخيول، يقص الشفاه
وروداً تزين مائدة النصر.. وهى تئن.
أصبح العدل موتاً، وميزانه البندقية، أبناؤهُ
صلبوا في الميادين، أو شنقوا في زوايا المدن.
قلت: فليكن العدل في الأرض.. لكنه لم يكن.
أصبح العدل ملكاً لمن جلسوا فوق عرش الجماجم بالطيلسان -
الكفن!
… … …
ورأى الرب ذلك غير حسنْ!

* * *

قلت: فليكن العقل في الأرض..
تصغي إلى صوته المتزن.
قلت: هل يبتنى الطير أعشاشه في فم الأفعوان،
هل الدود يسكن في لهب النار، والبوم هل
يضع الكحل في هدب عينيه، هل يبذر الملح
من يرتجى القمح حين يدور الزمن؟

* * *

ورأيت ابن آدم وهو يجن، فيقتلع الشجر المتطاول،
يبصق في البئر يلقى على صفحة النهر بالزيت،
يسكن في البيت؛ ثم يخبئ في أسفل الباب
قنبلة الموت، يؤوى العقارب في دفء أضلاعه،
ويورث أبناءه دينه.. واسمه.. وقميص الفتن.
أصبح العقل مغترباً يتسول، يقذفه صبية
بالحجارة، يوقفه الجند عند الحدود، وتسحب
منه الحكومات جنسية الوطني.. وتدرجه في
قوائم من يكرهون الوطن.
قلت: فليكن العقل في الأرض، لكنه لم يكن.
سقط العقل في دورة النفي والسجن.. حتى يجن
… … … …
ورأى الرب ذلك غير حسن!


(الإصحاح الرابع)

قلت: فلتكن الريح في الأرض؛ تكنس هذا العفن
قلت: فلتكن الريح والدم… تقتلع الريح هسهسة؟
الورق الذابل المتشبث، يندلع الدم حتى
الجذور فيزهرها ويطهرها، ثم يصعد في
السوق.. والورق المتشابك. والثمر المتدلي؛
فيعصره العاصرون نبيذاً يزغرد في كل دن.
قلت: فليكن الدم نهراً من الشهد ينساب تحت فراديس عدن.
هذه الأرض حسناء، زينتها الفقراء لهم تتطيب،
يعطونها الحب، تعطيهم النسل والكبرياء.
قلت: لا يسكن الأغنياء بها. الأغنياء الذين
يصوغون من عرق الأجراء نقود زنا.. ولآلئ
تاج. وأقراط عاج.. ومسبحة للرياء.
إنني أول الفقراء الذين يعيشون مغتربين؛
يموتون محتسبين لدى العزاء.
قلت: فلتكن الأرض لى.. ولهم!
(وأنا بينهم)
حين أخلع عنى ثياب السماء.
فأنا أتقدس - في صرخة الجوع - فوق الفراش الخشن!

* * *

(الإصحاح الخامس)

حدقت في الصخر؛ وفى الينبوع
رأيت وجهي في سمات الجوع!
حدقت في جبيني المقلوب
رأيتني : الصليب والمصلوب
صرخت - كنت خارجاً من رحم الهناءة
صرخت؛ أطلب البراءة
كينونتي: مشنقتي
وحبلي السري:
حبلها
المقطوع!

الأربعاء، 12 مايو 2010

ذل الوطن باقي

  • قالوا الوطن باقي
  • والحب مش هيروح
  • أصل الكلام بينا
  • بحري وع المفتوح
  • قالوا الوطن أحلام
  • وسفينه رسايه
  • والموت فدا الأوطان
  • جوه النفوس غايه
  • طب عدي ليه الموج
  • من غير ما يحدفني
  • ما هي موته بشرف
  • والدنيا نسايه
  • يا اللي غويت العما
  • عن نصرة الملهوف
  • شعبك ملاه القرف
  • واللي انفضح مكشوف
  • ذل البلاد في الأرض
  • مع إنها الطاهره
  • واحنا زهقنا كلام
  • والوقفه في مظاهره
  • راجع عليك الدم
  • واولادي ف رقبتك
  • أصلك خفيف الهم
  • بمراره شايله السم
  • شالوها يوم ما اتلم
  • كل الوجع والخوف
  • فينا - ومش ظاهره
  • أرض الوطن تاني
  • أصل احنا جيفه وعدم
  • مش احنا وش كسوف

موال الفراق والحزن

  • ـ جدي لأبي :

  • لا أتذكر منه غير أنه كان نورا ، كان سكينة ورحمة ، كنت أحبه كثيرا جدا ، أكثر من علقت روحي معه في غير وجوده ، رحل عنا وأنا في سن صغيرة ، لكنني كنت أراه دائما بداخلي ، وارتبطت به إرتباط الفرع بالأصل .
  • أصحو مبكرا لأذهب للمدرسة ، لم أبلغ الخامسة بعد من عمري ، أغسل وجهي وأرتدي ملابسي ، ألتقط حقيبتي الحمراء الصغيرة وأتوجه على الفور لغرفته ، ألقي عليه تحية الصباح فيعطيني خمسة قروش ـ شلن ـ ، يا لفرحة قلبي .. (( معايا شلن ، هعمل كل اللي نفسي فيه )) أقبل يده البيضاء ، وأحتضنه .. وأجري منطلقا كعصفور يتعلم مبادئ الطيران .
  • يدخل عمي الأصغر من بوابة البيت الحديدية حاملا حقيبة سفره ، وأنا أقف وسط أناس كثيرين لا أدرك أسمائهم ولا أشكالهم ، يرتمي هو في أول حضن يقابله ، يبكي وبحرقة ، أسمع جيدا نحيبه فأبكي لأني أحب عمي ، أسمع الأصوات التي تدل على الفقد والضياع ، يسكت أبي كل الأصوات يزجر كل من جاء بصوت من النار ، أين جدي؟! أين الخمسة قروش ؟ أين أنا ؟!ـ
  • بعد عشرين عاما فوق الخمسة التي مضت .. أفتح جهاز الكومبيوتر وأضع اسطوانة ميديا وأشغل الملف الموجود بها على برنامج ميديا بلاير ، أرى جدي يتوسط الناس الذين يشكلون جمعا غفيرا .. تظهر الصورة وهم يتزاحمون عليه .. يحاولون التقرب منه .. يتلمسون أطراف حديثه العذب .. وبسمته المؤمنة بأن الحياة روح جميلة وقلب مطمئن .
  • يسأله احد تلاميذه : (( عمي . أخبرنا عن الحلال والحرام ))، يرد عليه بعد سكوت واثق : (( الحلال بين والحرام بين )).ـ
  • يخبرني أبي أن شجرة التوت التي قطعناها اليوم لتوغل جذورها تحت أرض البيت ، كانت نبتة من زرع يد جدي ، رأيتها وهي تبكي ، رأيت هذه الشجرة وهم يزيلون أثارها .. وهي الأن تبكي !!ـ


  • ـ جدي لأمي :

  • بُعد موطن إقامتنا عن محل إقامة أسرة أمي كان سببا رئيسيا في عدم الأرتباط بالأحداث التي كانت تقع بعيدا عنا هناك ، إلا أن الصلة التي حافظت على وجودها أمي وساعدها في ذلك أبي كانت لها السبب في وجود وصلات شعورية تغني في ظل بُعد المسافات.
  • نذهب لنتحسس بعض الروائح ذات الصلة ، والعواطف التي لن يقدمها أخر غير من لهم المكان والمكانة هناك .ـ
  • كان جدي رجل تجارة ماهر بذل أمواله من أجل تعليم أمي وإخوتها ، احتفظ أمامي بشكل واحد لا يتغير ، معالم ثابتة التشكيل ، وجه مرسوم بدقة النحاتين ، نظارته العريضة التي يحافظ على وجودها أمام عينية .
  • أدخل أنا وأخوتي حانوته الضيق ، أتقدم للسلام عليه مقبلا يديه فيبتسم ابتسامة المحب ، لكن ما تلبث قسماته في الرجوع لشكلها الأصلي الذي ليس جديدا علي .
  • نتجمع كلنا أمام التلفاز نحكي ونستمتع ، نلقي النكات ، نتبادل التعليق على أحداث الكون التليفزيوني الظاهر عبر برامجه ومسلسلاته ، يمر جدي بسرعة أمامنا ، وبحركة أسرع يفصل الكهرباء عن التلفاز ، ثم يكمل مروره حيثما أراد .
  • أثور وأخوتي غاضبين ، فتقوم أمي لتعيد للتلفاز صوته وصورته التي إنقطع استرسالهما منذ لحظات ، تمر الدقائق السريعة ، ويمر جدي من جديد عائدا أمام التلفاز ليكرر فعلته القديمة ، هذه المرة لا تحدث ثورة ولا غضب .. أقوم أنا في غمرة الضحك الهيستيري لأعيد توصيل الكهرباء مجددا ، رغم أننا لم نكن في حاجة أبدا لمشاهدة التلفاز .
  • نفس المشهد المكرر ، الوقوف في لحظة الوداع والبكاء ، رسمة الحزن الطوافة على جميع الوجوه ، التعازي الحارة التي لا تسمن أو تغني من جوع ، الكراسي المتراصة جنبا إلا جنب ، القارئ الشيخ ، الميكروفونات والسماعات الكبيرة ، طابور المعزين ، تكل يدي من كثرة السلام والتصافح ، لم يكن يهمني ساعتها غير النجاح في إمتحاناتي المدرسية .


  • ـ جدي ( عم أبي ) :

  • حسن ـ وهو فعلا حسن ، كل زياراته القليلة التي جاء فيها لبيتنا كنت حريصا على وجودي أثنائها .
  • توقظني أمي مبكرا ، تأمرني أن أذهب لبيت جدي فلان لأحضر اللبن كي تعد فطور جدي فهو ضيفنا جاء من مصر السفلى ، أذهب دون لكاعة ، أركب دراجتي سعيدا ، أحمل بيدي اليمنى ( شفشق اللبن ) ، ماسكا بيدي الأخرى مقبض الدراجة ، يد فرامل الدراجة من الناحية اليمنى لكنني لأ أستطيع مهما حاولت أن احمل هذا ( الشفشق الممتلئ باللبن ) بيسراي ، هي أضعف من ذلك بكثير .
  • أتوكل على الله .. أسير في طريق العودة للمنزل ، أسير بهدوء .. قطعت هكذا نصف المسافة ، لم يتبق غير بعض الامتار ، بضع لفات صغيرات من عجلات دراجتي ، تبديلتين وأتركها بعدها تسير وحدها ، دراجتي تعرف جيدا طريقها .
  • هذه أول تبديلة بقدمي ، وهذه الأخيرة . يفاجأني مطب على جسر الطريق بالقرب من بيتنا ، كنت أنا من شرعت في إعداده البارحة وتركت أصدقائي ليكملوه .
  • ترتفع الدراجة لأعلى ، يرتفع معها جسدي ، ترتفع يدي أكثر وأكثر ، (شفشق اللبن ) يتجه بيدي ناحية الغرب ، عجلة الدراجة الأمامية تتجه للشرق عن تعمد ، وأنا أنكب على وجهي في المنتصف (( لا حصلت شرق ولا غرب )) .. (( يا سلام طعم التراب باللبن أكيد هيكون فظيع )) قالها رجل رأني وأنا أرقص رقصتي الأخيرة .
  • يرقد جدي الأن على فراشه الأبيض بمستشفى كائنة على كورنيش النيل ، يلتف حوله ملائكة الطب ، لا أعرف كيف يكون ملاكا من أمسك مشرطا ليذبح ؟! كيف يكون ملاكا من يسفك الدماء بحجة العلاج وطلب الشفاء ؟!
  • (( ورم خبيث )) .. فعلا يالا خبثه .. لم يجد موطنا غير عقله ليكمن فيه ، يقول الطبيب : أن العملية الجراحية التي أجريت من أسابيع قد كتب لها النجاح ، لكننا نسأله : إذا لماذا هذا الإضطراب الذي يعانيه ، يخبرنا الطبيب الملائكي : أنه هو ـ أي جدي ـ لا يريد أن يعيش .
  • يمضي النهار .. ويأتي الليل ، تسقط الشمس غرب النيل بكامل إحمرار خديها ، ويسقط في النيل معها كل الهدوء والسكينة ، أسمع النداءات المتتالية منه ، فلا أستطيع فعل شيء ، (( أحمد )) .. أرد عليه : (( نعم )) .. يسألني : (( فين أخوك )) .. أسأله : (( تقصد عمي أحمد )) .. يجيبني بالموافقة .. (( ؟ )) .
  • يقول لي : (( عايزك تبقى قوي ؟ زيي وأنا صغير ، مكنش فيه حد بيضربني وكنت بضرب كل الناس )) ، أطمئنه أنني سأكون قويا وأنني سأعفو عن كل الناس .
  • (( أقولك نكتة )) يسألني فأوكد له أني مشتاق لسماعها منه .. (( مرة واحد صعيدي جاله ورم في المخ .. ولما عرفوا أهله .. استغربوا .. وقالوا جاله منين المخ ده )) ... لا يضحك .. يسكت .. وأنا بداخلي تموت ثورات البراكين .
  • حينما أراد الله له أن يرقد بجوار أخيه ـ جدي لأبي ـ كان كل الناس التي تعرفه فرحى ، ولم نكن أبدا للحزن معطوفين .


  • ـ جدتي لأمي :

  • (( يابن الصوبية )) تقصد أن تداعبني فتقول لي يا ابن الصبية .. جميلة الخدين والعينين والروح . وعند الكلام عن الروح يكون الحديث للقلوب لا للألسنة .
  • أرى حبها الواضح لأبي .. حتى إنها لتناديني يا ابن ابني بدلا من يا ابن بنتي .. فأنا ابن إبنها مع إنها أم أمي .
  • كل طاقات الحب البريئة والفل والياسمين وطعم اللوز في داخلها ، كل فراشات الأمل تقبع بجوارها ، كل عصافير الجنة تحت طلبها ، لم أعرف لها ضيقا أو تعاسة ، (( ساعات مش بفهم كلامكوا )) تقصدني أنا وأخوتي ، لكنني على علم من أنها تفهم بقلبها ما لا يفهمه ذوو العقول .
  • تأتي كالملكات بين يديها الخير والفرحة ، على الرغم من إعاقتها بشلل نصفي ، إلا أن سعيها إلينا كل فترة كان أسرع من سعي الأصحاء ، أنام إلى جوارها ـ فهي عندما تأتي تحل ضيفة على سريري أنا ـ تحاكيني وتبتسم ، أنام ليلاتي بجوارها ، وفي قلبي أحلام ستتحقق في الصباحات الجميلات الأتية .
  • نفس المنظر المكرر ، البناء الصغير ، قماش الشاش الابيض ، الدعاء ، التعازي الحارة ، الدموع ، البكاء .
  • أما انا فلم أحس بشيء ، من ساعة سماعي الخبر ، وحتى هذا الموقف لم يعترني إحساس .
  • ينصرف الناس ، أنصرف تبعا خلفهم ، أرى خالي الأصغر في حالة ممزقة ، لا يستطيع إمساك نفسه ، يواسيه الناس ، لكن دون جدوى ، فالدمع أهون الأمور حينها .
  • مالي أنا .. أمشي مشية بلهاء .. هل جف قلبي عن الشعور ؟! .. أقف وأستدير عائدا ناحية قبرها .. تمر صورها العالقة بذهني مرتبطة بأحداث معينة .. تمر على ذاكرتي مرور شريط أفلام السينما على ألة العرض السينمائي .
  • تخرج من صدري زفرات صدئة ، شهقات متتالية ، أنزف دموعا عصت على الخروج للفضاء ، أرق رقة الريشة التي لا تعرف مكانها الأخير رغم تعبها من الدوران والطيران في الهواء .
  • هل فعلا سأفقدها للأبد ؟ !


  • ـ جدتي لأبي :

  • لم يكن يعنيني فيها الحنان أو الرقة ، بل كان ما يلفت انتباهي قوة الشخصية ، سمار اللون الترابي الأصيل ، أكتسبت منها الكثير ليس بإرادتي ، ولكن عبر الجينات والكروموسومات الدقيقة التراكيب .
  • في الصغر .. وفي نفس التوقيت الصباحي المعتاد لطفل يبدأ أولى سنواته الدراسية ، وبعد أن أحتفظ في جيبي بالخمسة قروش التي نلتها من جدي ، أجلس بجوارها وهي تضع براد الشاي على الباجور ، بعد أن تنزل البراد الأزرق الذي أعتقد أن لونه كان سببا في حبي للشاي . تأتي بخبز (( البتاو )) وتكسر لي قطعة منه ثم تضعها على النار ، فتتلوى قطعة البتاو لتتخذ شكلا اسطوانيا فريدا ، لتعطيها لي ، فأغمسها داخل كوب الشاي الممتلئ ، ولأعيش لحظات الاستمتاع التي يعيشها الأن مدمني شكولاته (كادبوري) .
  • كيف يتأتى لها في هذه السن كل هذه الهمة والنشاط ؟! إنه يا سيدي الضمير ، الذي نفتقده .
  • لم يكن يعجبها العجب ، لأن الأفعال التي كنت أنت تراها كاملة ، كانت ترى فيها النقصان الواضح ، كان ينبغي عليك بذل مجهود أكثر .
  • وأنا صغير ، وحين تحل ساعة النوم . كنت احب أن أنام في حجرها ، لتمرر يدها الخشنة على ظهري من تحت ملابسي ، ولتغطيني بجلبابها الفوقي ، ولتغني لي : (( هوه هوه هوه هوه ... نام يا حبيبي نااام .. وادبحلك جوزين حماااام .. هووووه هوووه )) .
  • لم أرها من أربعة شهور مرت أو تزيد ، لم تنتظرني لأودعها وأقبلها ، لم تنتظر أن أكون بجوارها أو خلفها وهي راحلة ، كانت تعرف أني سأجيء من بعيد يوم الثلاثاء مساءا .. لكنها كانت قد رحلت في مطلع فجر نفس اليوم ..