الجمعة، 19 أغسطس 2011

رسالة 72 مسلحة

رغم أنني المحامي الشخصي للناشط السياسي "لؤي نجاتي" ووكيله القانوني إلا إنني تابعت مثل الجميع الخبر الذي تضمنته الرسالة رقم 72 على الصفحة الرسمية للقوات المسلحة والذي جاء فيها الأتي : (( إيمانا من المجلس الأعلى للقوات المسلحة بأهمية التواصل مع الشعب المصري العظيم وشباب الثورة وفي ضوء نتائج اللقاء الذي تم بين السيد الفريق سامي عنان نائب رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة ونخبة من الإعلاميين والمفكرين والمثقفين والذين عبروا عن توجه عام ورغبة أكيدة في أهمية مراعاة عدم محاكمة بعض الشباب عسكريا لتعبيرهم عن آرائهم تجاه التطورات التي يمر بها الوطن حاليا خاصة وأن الحالة الثورية هي التي تحكم ممارساتهم في الشأن العام والعمل السياسي وارتباطا بذلك فقد صدق السيد رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة على التجاوب مع هذا المطلب بتسامح تام والتنازل عن البلاغ المقدم ضد كلا من(لؤي نجاتي وأسماء محفوظ) واخطار رئيس هيئة القضاء العسكري بإتخاذ ما يلزم من اجراءات قانونية في هذا الشأن ويهيب المجلس الأعلى بكل أبناء الشعب المصري مراعاة التعبير عن مواقفهم وآرائهم بشكل واع ومسئول ولا يمثل اساءة أو تجريح حفاظا على الوجه المضئ لثورة 25 يناير التي حمتها القوات المسلحة المصرية )) .

هذه الرسالة التي صدرت رسميا عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة موجهة لشعب مصر العظيم ولشباب الثورة موضحة استجابة المجلس في شخص "رئيس المجلس ونائبه" للتصديق على التجاوب مع مطلب عدم محكامة بعض الشباب عسكريا لتعبيرهم عن أرائهم ومن ثم فقد تنازل المجلس العسكري عن البلاغ المقدم ضد كل من لؤي نجاتي وأسماء محفوظ وعليه فقد أخطر رئيس هيئة القضاء العسكري باتخاذ اللازم قانونا ، ولم ينس في نهاية الرسالة أن يحمل كل أبناء الشعب المصري بمراعاة ما يصدر عنهم من ألفاظ وأن يكونوا واعين ومسئولين للحفاظ على الوجه المضيء لثورة 25 يناير ويؤكد في نهاية الخطاب على حماية القوات المسلحة لها .

وحيث أن هذه الرسالة جاءت مبشرة لكل من أعلن تضامنه مع لؤي وأسماء من أجل نيل حريتهما وجاءت داعمة لجهود كل من عمل في اتجاه رفض المحاكمات العسكرية للمدنين وكل من عمل على دعم إطلاق الحريات العامة على وجه العموم ، إلا أن هذه الرسالة أيضا اثبتت بعض الأمور التي لا يمكن تجاهلها ولا يمكن إغفال إشاراتها ولا يمكن أن تمر علينا مرور الكرام .

أولى هذه الإشارات أن المجلس العسكري في رسالته يخاطب جموع شعب مصر وشبابها وعلى الرغم من ذلك يعلن أن تنازله عن بلاغي لؤي وأسماء جاء بعد لقاء "نخبة" من الإعلاميين والمفكرين والمثقين .. أي أنه استمع إلى مطالب فئة معينة ـ انتخبها هو بغير حق او دلالة انتخاب أو على غير اساس ملموس ـ من جموع الشعب والشباب رغم أن المعني بقراراته وتنازلاته وبلاغاته وقوانينه وإصلاحاته ورسائله هو الشعب كله وشباب الوطن كله .



ثاني هذه الإشارات أن الرسالة جاءت تحمل للناس البشارة بتصديق رئيس القوات المسلحة " بتسامح تام " وتنازل عن البلاغ المقدم ضد لؤي نجاتي واسماء محفوظ .. رغم أنه على حد علمي اليقيني أن البلاغ المقدم ضد لؤي نجاتي ليس له علاقة بشخص المشير أو أي من السادة أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة ، وهذا غير حالة البلاغ المقام ضد أسماء محفوظ ..

فالبلاغ المقدم ضد لؤي نجاتي هو عن واقعة 28 و29 يونيو من أحد ضباط الشرطة يتهم فيه لؤي بقيامه بالتعدي على قوات وزارة الداخلية واستعمال العنف معها ومحاولة منعها من القيام بعملها .

ولم يكن للؤي نجاتي أي سابقة له في الصدام مع المجلس العسكري كهيئة أو كأفراد ، ولذلك فإنني هنا أقدم تساؤلي البسيط .. على أي شيء يتسامح السيد رئيس المجلس الأعلى؟ .. وعلى أي شيء يتنازل؟ عم أُلصق من اتهامات ملفقة في حق البريء لؤي نجاتي؟ ، أم عم لاقاه من ضرب وإهانات وسب طوال رحلته "كمتهم وسجين" من ساعة القبض عليه يوم 29 يونيو الساعة 5:30 صباحا وحتى إخلاء سبيله وخروجه من السجن الحربي يوم 7 يوليو 2011؟!

وللعلم فإن ما جرى بالتحقيقات أمام النيابة العسكرية في القضية رقم 701 لسنة 2011 جنايات عسكرية وما تم اثباته من أقوال لشهود عيان في أوقات مختلفة لتاريخ حدوث الواقعة المحرر عنها محضر الضبط ، يؤكد على نحو قاطع كذب وتلفيق البلاغ الموجه ضد لؤي وكذلك يثبت وجود لؤي في الأحداث بشكل سلمي تماما وأنه لم يرتكب الأفعال والتهم المنسوبة إليه .

أما عن ثالث إشارات هذه الرسالة المسلحة : فإن تنازل المجلس الأعلى في شخص رئيسه وتسامحه عن بلاغات لا تخصه ولا تمس كيانه أو أفراده وإصدار أوامر لرئيس هيئة القضاء العسكري باتخاذ الإجراءات التي تلزم لتفعيل ذلك القرار .. يعطينا نتيجة ليست بعيدة عن كل ذي عقل ولب ، وهي أنه إذا كان القضاء العسكري ورئيسه وهيئته ينظرون القضايا المعروضة عليهم طبقا لتوجيهات وتعليمات وأوامر السادة أعضاء المجلس العسكري ..

فكيف يأتينا الإطمئنان في مثول شباب مصر العظيم الذين يخاطبهم المجلس في رسالته؟ وكيف يأتينا الرضا بالأحكام العسكرية التي صدرت في حق ما يجاوز 11000 مواطن مدني مصري؟ وكيف نحس بالعدالة تجاه بقية القضايا المنظورة أمام القضاء العسكري بجلساته المنعقدة والتي تفصل في نفس الوقائع المنسوبة للؤي في ذات التاريخ وإنما لأشخاص أخرين فاتهم الحظ أن يتكلم عنهم وبشانهم نخبة الإعلام والفكر والثقافة الذين يتمتعون بحظوة وقرب المجلس العسكري؟


ملحوظة : جميع الصورة المرفقة بالتدوينة ليست ملكي وإنما منقولة من بعض المواقع الإلكترونية

ليست هناك تعليقات: