الخميس، 25 فبراير 2010

تقاطيع المشمش ـ قصة قصيرة ـ عمل مشترك

نفس المكان ,لحظات اخرى ترسم طريقها الى الواقع و نفس المسافة الرمادية التى تفصله عن نفسه ."انته غاوى تعب " . جالس فوق سلة المهملات المقلوبة يتابع العصافير تدخل الحجرة لا تجد فيها حبا - تخرج بسرعة - . يسرع باغلاق النافذة حتى لا تدخل عصافير اخرى فتصاب بالاحباط."النهارده يوم جديد..". يبدأ في النظر إلى ساعة حائطه التي اعتراها تراب الزمن فما عادت تدق .منتظرا في قرارة نفسه أن تقع في أي لحظة .
كان يحس قديما في دقاتها نشاطه الذي يبعثه فيه حركات عقرب ثوانيها السريعة
مالت هي كما مال حظه المنهك ، واستشرت فيها مخلفات سكن عنكبوت عاش حياة قصيرة قديمة .
يركض بداخله خلف هذه التأثيرات الرمادية شعوره الدائم بأنه بحظ متعب قد فقد فيه جلاله واستقامته وأحلامه الفاشلة .
مازال مصرا أن السبب منه ، وأن دورات حوادث الكون لا تتحرك في داخل حجرته الضيقة تلك والتي تكتسي بلون رتيب باهت لم يجدد منذ حركات لا متناهية من عقرب الساعات بساعة حائطة المهملة
يعبث بخصلات شعره الأشعث المعقود بلفات متناقضه تنبئ عن فكر قد تراخى من كثرة الاستعمال خارج إطارته الشرعية .
يتذكر أنه لم ينظر في مرآة نفسه المتكسرة من خبطات قاضيات للزمن المسيطر مرددا اللعنات المكبوتات داخله لواقعيته المرة الطعم " الشركة استغنت عن خدماتك ... انته ما سمعتش ولا ايه؟".
فى غفلة من ذاته قرر أن يتحداها كما كان يفعل ...إمتدت أناملة بإرتعاشه و فتحت دولاب ملابسه ليقف عاريآ أمام مرآة ذاته ..بهتته المفاجأة لتصدر زفرة حارة مختلطة بأه طويلة ..كل تلك السنين إختزلتها ملامحة لترسم أخاديد على وجهه المتعب من كثرة الإهمال أو من كثرة التفكير فكلاهما دمرة و لم يبقي له شيئآ من ذاته سوى صورة متواضعة لشاب مبتسم سعيد فى مقتبل العشرين يعلقها على ضرفة الدولاب...
إرتطم الدولاب محدثآ دويآ أيقظة و كان الدولاب نفسة يعلن تمرده على إستسلامة و يأبى الخضوع لذلك الشعور الطاغي بالإنكسار و الهزيمة الذى يغلف الغرفة بضباب سام .......................

ألقى بجسدة المرهق المستنزف على السرير ..أغمض عينيه يستجدى بقايا أحلام تكسرت على شطئان وحدته فى معارك أعلن هو إنهزامة لخجلة من المبادرة و خوضها .مازال يذكر جيدآ شجرة المشمش التى كانت تلقي بظلالها على الحديقة ...
لم تتخل أمه مرة عن أن تودعه سريره في براح الحديقة معلقا بأذرعة شجرة المشمش تلك . كان ينتمي لتلك الشجرة وتنتمي إليه ، يركض أول رجوعه من خارج البيت ليقبل جزعها .
..تذكر ذاك الصبي الصغير الذى كان يركض فى حديقة المنزل محدثآ دويآ و حياة ..سافرت ذكرياته إلى صبي فى السابعة يحمل ذات التقاطيع و الإسم يقف على إستحياء ينظر إليها بفضول و دهشة ..فتاة فى الخامسة تلعب الريح بضفيرتها الطويلة تحمل عروسة صغيرة و تجلس على درجات السلم تلعب بهدوء و تسترق نظرات إلية ..سمع والدته تناديه من التراسينه و تطلب منه اللعب مع ملك جارتهم الجديدة ...أغمض عينيه بقسوة من يطرد الحلم و يدمر الذكريات بقبضة يده ..
" قولى طعم المشمش بتاع شجرتكم حلو؟"
"مش عارف "
"ازاى"
" مادقتوش"
لم يذق طعم المشمش .. فقط اكتفى بان يتامل تقاطيعه
يا لها من تقاطيع رسمت على قلبه منذ كان رضيعا ، كان دائما ما يتسلقها ومعه كتابه المدرسي ليقضي أغلب النهار هناك عالقا بفروعها ومتعلقا بحنانها المشمشي
يرى وهو في علوه من فوق الشجرة حبيبته ملك وهي تنادي عليه من تحته وتحذره من أن تزل قدمه أو أن يحترس من أن يفقد توازنه .
إلا أنه كان دائم التورط في إثارة خوفها عليه أو قلقها من مشاكساته التي دائما ما تنتهي من تفاوض معها على النزول من علو الشجرة إلى ثبات الأرض. تجلس بجوارة تحت الشجرة تحدثه عن حلمها " لما اكبر حكون مدرسة زى ماما واتجوز اجيب ولد وبنت" و هو مستسلم لإيقاع صوتها الرقيق ..تلامست أناملهما بحركة خاطفة مودعة و هى تركب السيارة و ترحل بعيدآ ..لم يشعر بدموع ساخنة تنساب عى وجهه لتغسل بقايا حلم ..
لكنه جلس تحت الشجرة تصرف بلامبالاة كأنه لم يراها و لم يحلم بتلك اللحظات التى سيعترف لها بمشاعرة ....
إبتسم بأسى و هو ينظر إلى سقف الغرفة الرمادية
********************************
*********************************
فكرة وبداية ومونتاج وإخراج : حسين الخياط
مؤثرات وإضافات وإدراة إنتاج : لينــــا نابلسي
مشاركة متواضعة : أحمد حشمت

الأحد، 14 فبراير 2010

من تحت لـ فوق

ولا يهم البعاد أصله ولا فصله

ولا يهم السهاد حجمه ولا رسمه

ولا يكون في الكتاب كاتب

ولا تلاقي عليه اسمه

عشان تبقى الحكاوي كتير

وتملاها شكاوى الغير

ويتمكن من ساعاته ، يطير

ويرسم في الهوا كسمه

000

عليك واحد

ومش طيب ولا جاحد

ولا راخي ولا شادد

في عمره من زمان وصفه

تصقفله على الأحزان

وتهتفله على الفاضي

وع المليان

وتندهله توشوشله

وتسرق من عنيه حسمه

000

ويبقى في الجراح مدبوح

تطبطبله

وتسمعله

وتنعشله أماني الروح

تمرجحله

عذاب قلبه وتسمحله

يسابق في السكات عزمه

الجمعة، 15 يناير 2010

النبي إيليا وصراعه مع الرب في الجبل الخامس

أولا : ملاحظات عامة على الأسلوب الروائي لـ ( باولو كويليو ) :
ـ يعتمد باولو كويليو على مرجعية دينية يستند عليها وتظهر في إلقائه للقارئ بعض أيات من التوراة والإنجيل طوال صفحات رواياته .
ـ يركز كويليو دائما على الصراعات النفسية التي تحدث داخل الإنسان الباحث عن هوية حقيقية في عالمه ، ذلك الإنسان المحاط بصعوبات وإضطرابات تحدث نتيجة الإرادة السلبية فيه ، أو نتيجة ما يحايط به من شخوص وأشياء وأحداث وقوى خارجية .
ـ دائما ما يسري في أبطاله الموجودين داخل رواياته أسرارا مكتومة وأنوارا مختفية داخل أنفسهم ، لا تظهر إلا إذا تنبه لها بطل الرواية وبحث عنها ، حتى عندما استخدم البطل " النبي " والذي ينبغي أن يكون مؤيدا من قبل الرب بمعجزات تيسر له العصيب من الأمور ، وتذلل له الصعاب ، كان هناك طوال الوقت مواقفا ينبغي فيها على النبي أن يستخدم بشريته وأفكاره وعقله دون مساعدة المدد المرسل من الرب المتمثل في صورة الملاك .
ـ يعتمد كويليو في أغلب رواياته التي قرأتها (*)على ذكر بعض أبطاله الموجودين في روايات أخرى له ، وكأنه يريد أن يكون لقارئه الخاص به خلفية لا تكتمل إلا بقراءة باقي الروايات الأخرى ، ليرسم صورة كلية غير الصورة الجزئية المكتملة في مخيلة القارئ العادي الذي لم يقرأ باقي رواياته ، ويجدر الإشارة أن اعتماده على ذكر أجزاء أو أبطال من روايات أخرى له في خضم الأحداث الموجودة بإحدى الروايات لم تخل بالمحتوى العام لها وكذلك لم يخل بالاحداث إن استقطعنا هذا الجزء المرجعي المأخوذ من إحدى رواياته .
ـ على الأغلب فإن الهدف الذي يبعثه كويليو في نفوس قارئيه عبر رواياته هو هدف مكرر ورسالة معلومة للجميع من قبل ، إلا أن هذا لم ينزع من رواياته جميعا الروح التي تبقيك مندهشا ومتتبعا ومشتاقا لمعرفة مجرى الأحداث والتفاصيل من البداية للنهاية .
ثانيا : لماذا اخترت الحديث عن رواية الجبل الخامس (**) دون باقي الروايات الأخرى ؟
على الرغم من إعجابي بكتابات باولو كويليو الروائية جميعها ، إلا أن أشد ما أثار إعجابي برواية الجبل الخامس هو اختيار كويليو لبطل الرواية تحديدا ، حيث تناول كويليو الجزء البشري الخالص للنبي (إيليا) بصورة عميقة جدا فسرت لدي بعض الأمور التي تغيب عنا في واقعنا الحاضر من حيث مفهوم النبي ، خاصة من الناحية ووجهة النظر الدينية البحتة ، التي تنظر للأنبياء جميعا بشيء عظيم من الوقار والعلو مما يمتنع معه البحث في تفصيلات حياتهم بشكل يؤهلك لاستخلاص نتائج منطقية تجدي للتطبيق على أرض الواقع الإجتماعي المحيط .
وبناء عليه فإن ما أثاره كويليو من وجود الصراع الربوبي البشري والمكرر دائما طوال أحداث الرواية ، بالإضافة إلى استنتاجات كويليو للحوار الدائر بشكل عفوي جدا بين النبي ونفسه حينما جاءه خبر السماء بأن الرب سوف يتركه ليعالج الأمور وحده وليستخدم عقله وفكره دون أن يكون له الحق في استخدام أو استدعاء المعجزات والمساندات الإلهية .
هذا الصراع الوارد في العهدين القديم والجديد (الإنجيل والتوراة) بين الرب وأنبيائه والذي كنت أنظر نحوه بريبة قبل قرائتي لهذه الرواية ـ الجبل الخامس ـ وكان دائما ما يعتريني السؤال : كيف يجوز للبشر حتى وإن كان نبيا مرسلا أن يصارع الرب ؟ وكيف ينطق الكتاب المنزل من عند الله بصراعاته التي حدثت مع البشر ولقى هزيمته فيها ؟! وكيف يهزم ـ أو كما جاء بالنص ـ يصرع المخلوق خالقه ؟!
واستخلصت من اسئلتي إجابة منطقية جدا ، أن التوراة والإنجيل قد تناولهما التحريف والتبديل من قبل الكهان والرهبان ، وقد يكون هذا الصراع المذكور بالأيات من ضمن ما أتت عليه يد التحريف .
إلا أنني عندما انتهيت من قراءة "الجبل الخامس" كان قد اتضح لي صورة تفسيرية لهذا الصراع النفسي الموجود داخل أيليا النبي ، وظهرت لي من مجرى الأحداث حقيقة الأمور كما رأها كويليو ، أو كما فسرها وفق خطوط روايته ، وكما تقبلتها أنا كقارئ يبحث عن التفسيرات ولا يبحث عن الإدانة والاتهامات .
ثالثا : مقتطفات من الرواية :
@ في بداية الرواية ـ صـ 19 ، 20 ـ يتناول كويليو حوارا بين إيليا واللاوي بين أسئلة على لسان الأول وإجابات مفسرة على لسان الأخير ، ليحقق في جزء إيماني مهم ، وهو الإيمان بالمقدرات وبإرادة الله :
(1)
(( إيليا : لقد خدمت ربا يسلمني الأن إلى أعدائي .
أجابه اللاوي : الرب هو الرب . لم يخاطب موسى ليقول له ما إذا كان خيرا أو شريرا ـ قال له فقط : إنه هو الكائن ، إنه كل ما هو موجود تحت الشمس ، إنه الرعد الذي
يدمر
البيت ، ويد الأنسان التي تعيد بناءه . ))
(2)
(( إيليا : من يكون الرب ؟ أهو من يمسك سيف الجندي الذي يفتك بمن بقى وفيا لإيمان أبائنا ؟ أهو الذي مسح أميرة على عرش بلادنا لتنزل كل هذه
المصائب بجيلنا ؟ أهو الرب الذي يقتل المؤمنين والأبرياء أتباع شريعة موسى ؟!
اللاوي : اسأل الرب من يكون ، ما دمت تشكك في قراراته . أما أنا فقد قبلت بقدري .
إيليا بإصرار : لا يمكن للرب أن يرغب في أن يفتك بنا دون رحمة )) .
@ وبعد هذا الحوار بصفحات قليلة ـ صـ 39 ـ يطرح رؤية أخرى لمن يرون الدنيا سواداً وهلاكاً فقط :
(( سأل إيليا نفسه : أو أتذكر المرأة التي كانت تصنع الخبز ؟ كان إيليا يذكرها ، جاءت إليه تسأله أن يصنع لها بعض الأطباق الخشبية
. وفيما كان ينجزها ، سمعها تقول إن الرب يتجلى في عمله .
وأضافت المرأة قائلة : يكفي أن نراقب الطريقة التي نصنع بها هذا الأطباق حتى نشعر بإحساس الخالق . فأنت تبتسم وأنت تعمل .
كانت المرأة تصنف البشر فئتين : السعداء في عملهم والمتذمرين فيه ، ويؤكد المتذمرون اللعنة التي أنزلها الله بأدم حين قال له : ملعونة الأرض بسببك ، بمشقة تأكل منها طوال أيام حياتك ، ويرون فيها الحقيقة الوحيدة . هؤلاء لا يجدون لذة في عملهم ، ويسأمون أيام الأعياد ، حين يضطرون للاستراحة . ثم إنهم يستخدمون كلام الرب ذريعة لحياتهم المجدبة متجاهلين أن الرب قال أيضا لموسى : الرب إلهك يباركك على الأرض ويعطيها لك ميراثا لتملكها )) .

@ وبعدها أيضا ـ صـ 68 ـ يطرح للقارئ ما حدث من معجزة إحياء الموتى التي ظهرت على يد إيليا والتي بدلا من أن تبعث في الناس حس الإيمان بوجود إله إيليا ، إلا أنها دعمت في قلوبهم إصرارا على الإيمان ببعل ورفقته ـ ألهة الجبل الخامس ـ ، ليجد إيليا نفسه محاورا ملاكه الحارس بمنتهى العجب والاستغراب من فعل الناس ، ملتبسا عليه الشك في قدرة نفسه على بعث الإيمان في قلوب البشر :
(( عندئذ ، سمع صوت ملاكه الحارس الذي يتحاور معه منذ الطفولة .
قال الملاك لإيليا : قابلتْ اليوم ملاك الرب .
أجاب إيليا : أجل ، لكن ملائكة الرب لا تتحدث إلى البشر ، بل تكتفي بنقل أوامر الله .
أمره الملك لحارس قائلا : استعن بقدرتك .
لم يفهم إيليا ما قاله .
ـ كل ما أملكه من قدرة أت من الرب .
ـ الجميع يملكون قدرة الرب ، لكن أحدا لا يستعين بها ))

@ ثم يرسل كويليو رسالة على لسان النبي إيليا للذين فقدوا معنى الحياة ـ صـ 69 ـ :
(( بعد ظهيرة أحد الأيام ، رجع إلى المنزل قبل الموعد المعتاد ، فوجد الأرملة جالسة على العتبة .
ـ ماذا تفعلين ؟ ـ لا شيء لديَّ لأفعله .
ـ إذا اعلمي أن في هذه اللحظة أناسا كثيرين يزهدون في الدنيا ، أناسا لا يسأمون ولا يبكون ، بل يكتفون بأن يدعوا الوقت ينقضي . هؤلاء لم يواجهوا تحديات الحياة ، وهي لم تعد تتحداهم . أنت تمرين بالوضع نفسه . تحركي ، واجهي الحياة ، ولا تستسلمي أبدا .
قالت وهي تخفض نظراتها :
ـ مذ حللت بيننا اكتسبت حياتي معنى جديدا ))

@ ثم ينتقل كويليو ـ صـ 111 ـ لإبراز الصراع الدائم بين الحرب والسلام أو بين الخير والشر ، بين من يلبسون وجه الدين ويتزيون بزيه وليس هم إلا أسلحة للشيطان الذي يكتسب قوته من وجودهم في مناصبهم الدينية ، يوضح أيضا إنجذاب العامة وتعلقهم بهم لأنهم ـ أي أولئك المتدينين الزائفين ـ ينطقون باسم الدين ، حتى وإن كانوا في ذلك العصر ينتمون لألهة الجبل الخامس وهي ألهة ضلال إلا أنهم موجودون في عصرنا بشكل واضح ولكن مع الاختلاف فهم في حاضرنا ينطقون باسم الله الواحد ، إلا أنهم على نفس منهاج سابقيهم :
(( انقسم الجمهور إلى فئتين : فئة تدافع عن السلام ، وفئة تطالب بأن تقاوم أكبر (***) .
قال الحاكم للكاهن بصوت منخفض : ـ هذا الرجل تحداني علنا ، لكن أنا أيضا فعلت ذلك .
التفت الكاهن ناحيته ، وتكلم بصوت خافت حتى لا يسمعه أحد ، آمرا الحاكم بأن يقتل الأشوري فورا :
ـ لا أطلب منك بل آمرك بذلك . أنا من يمسك بزمام السلطة ، وأستطيع إنهاء هذا الوضع ساعة أشاء ، هلا فهمت ؟ هناك قرابين أخرى يمكن تقديمها إلى الألهة ، وهي قادرة على تهدئة غضبها ، حين نضطر إلى تغيير العائلة الحاكمة . ولن تكون المرة الأولى التي تتغير فيها العائلة الحاكمة . ففي مصر ، وهي إمبراطورية يرقى عهدها إلى آلاف السنين ، جرى استبدال الكثير من السلالات الحاكمة . ومع ذلك ، ظل الكون منتظما ، ولم تسقط السماء فوق رؤوسنا .
علا وجه الحاكم شحوب ملحوظ .
ـ القائد موجود وسط الجمهور برفقة قسم من جنوده . إذا بقيت مصرا على التفاوض مع هذا الرجل ، فسأبلغ الجميع أن الألهة تخلت عنك ، وستتنحى عن العرش . لذا تابع المحاكمة ، وافعل بالضبط ما طلبته منك . ))
@ ثم يعود كويليو ـ صـ 117 ، 118 ـ ليناقش ما يدور في صدر النبي إيليا بعدما حدث أمام عينيه من موت رجل لم يستطع التدخل لإنقاذه ، ودارت في نفسه الشكوك مرة أخرى ، عن جدوى النبوة والرسالة التي بعث بها ، عن عجزه إيقاف الشر الذي يراه يسيطر ويكبر يوما بعد الأخر :
(1)
(( لم يرجع إيليا إلى الأرملة في ذلك اليوم ، بل سار على غير هدى في الصحراء .
قال للنباتات والصخور :
ـ لم يفعل الرب شيئا ، في حين أنه كان قادرا على التدخل .
كان نادما على قراره . واعتبر نفسه مرة أخرى مسئولا عن موت أحد الرجال . ))
(2)
(( شعر إيليا في هذه اللحظة ، التي كان يتجول خلالها في الوادي ، بالرغبة في أن يكون شخصا للأخرين ، لم يستمع قط إلى صوت الرب ، ولا
إلى ملائكته .
لكن الحياة ليست سلسلة من الرغبات ، بل هي تحقيق أفعال كل شخص . تذكر إيليا أنه حاول عدة مرات أن يتخلى عن مهمته ، ومع ذلك فهو هنا في هذا الوادي لأن الرب طلب منه ذلك .
ـ " يا رب ، كان في استطاعتي أن أكون نجارا وأخدم مشاريعك " ))
(3)
(( قال إيليا : لم يعد لدي شيء أفعله هنا ، فمتى أعود إلى إسرائيل ؟
أجاب الملاك : حين تتعلم كيف تبني من جديد . تذكر ما قاله الرب لموسى قبل القتال . واستفد من كل لحظة ، إن كنت لا تريد الندم فيما بعد ، والتأسف على شبابك الذي ضاع سدى . فالرب يجعل لكل عمر همومه الخاصة به . ))
@ ويضع كويليو لنا ـ صـ 181 ، 182 ـ حكمة لمن تملكه اليأس من الحياة والمقدرات ومن فقد الدليل والإرادة لما واجهه من الصعاب ، حيث يقابل إيليا الراعي الذي يعلمه ذلك :
(( فأردف الراعي :
ليس صعبا إعادة خلق الحياة ، كما ليس مستحيلا إعادة إنهاض أكبر من بين أنقاضها . ويكفي لذلك أن ندرك أن لدينا القوة نفسها التي كنا نملكها في السابق ، وأ ن نستغلها لصالحنا .
نظر الرجل إلى إيليا مباشرة ، وقال :
إذا كان لديك ماضٍ ولم تكن راضيا
عنه ، إنسه الأن . تخيل قصة جديدة لحياتك وأمن بها . أحصر اهتمامك فقط باللحظات التي وفقت فيها للحصول على ما تشتهيه . وهذه القوة تساعدك على نيل ما تريد ))
@ ويظل كويليو يرسم تصاعد الصراع ـ صـ 185،186 ـ واستمرار الشكوك واليأس في قلب إيليا حتى يرينا عبر حوار النبي مع رفيقه الصبي أو مع نفسه ذاك اليأس المحيط به من وجود قدرته كنبي ، ومن توفيق الله له ، لأن الله تركه يواجه الحرب والخراب وحده دون أن يسانده ، وتخلى عنه في وقت محنته :
(1)
(( قال الصبي : الرب الذي أعادني من الموت لا يزال حيا ، ويستطيع أن يعيد أمي إلى الحياة ، إذا أعدت المدينة إلى الحياة .
ـ إنس هذا الإله . إنه بعيد ، وهو لا يحقق المعجزات التي نتوقعها منه ))
(2)
(( قال إيليا متكلما لغة بلاده كي لا يفهم الطفل معنى كلامه :
ـ لديك كل قوة العالم والنجوم . تستطيع هدم مدينة وبلاد ، كما تسحق حشرة . أنزل إذا نار السموات ، وضع حدا لأيامي الأن وإلا عملت ضد إرادتك ))
.
@ وحين يقترب كويليو من نهاية روايته ـ صـ 205 ـ يكون قد أظهر لنا حقيقة الصراع بين إيليا وربه مسترجعا صراع يعقوب أو إسرائيل المذكور بالكتاب المقدس ليعطينا الدرس من وجود هذا الصراع الحتمي لوجود قوة البشر على معالجة المشكلات وإيجاد الحلول لتكون أخيرا هي مشيئة الرب :
(( نهض إيليا وصلى قائلا :
"صارعتك يا رب ولست بخجل لاكتشافي أنني أمشي في طريقي التي اخترتها ، لا لأن هذه الطريق فرضهاعلي أهلي أو تقاليد بلادي أو أنت نفسك .
إليك يا رب أتوق إلى العودة الأن . وأريد أن أعطيك كل ما في إرادتي من قوة . وليس جبانا ذلك الذي لم يكن قادرا على سلوك طريق
مختلف . لكن ، لكي تعهد إلي بمهمتك الجليلة ، عليّ أن أواصل هذه المعركة ضدك ، وأصارعك حتى تباركني ".
كانت إعادة بناء أكبر هي التحدي الذي ارتضى إيليا أن يواجه الله به ، وهي أيضا اللقاء المستعاد بالله ))
@ صـ 212 :
(( وسأحاربك حتى تباركني وتبارك ثمار عملي . ذات يوم ستستجب لي . ))
@ وينهي كويليو روايته أخيرا ، بانتصار إيليا على صراعه الداخلي وعلى قوى اليأس والشكوك ، ويتأكد مباركة الله له ـ صـ 229 ـ ليكلفه بالمهمة التي طالما أرادها وتمناها :
(( كان كلام الربإلى إيليا في السنة الثالثة ، هو :
"امض وتراء لأحاب فأتي بمطرعلى وجه الأرض" ))
..............................
هامش :
(*) الخيميائي ، الشيطان والأنسة بريم ، أحد عشر دقيقة ، ساحرة بورتوبيلا
(**) الطبعة الثانية 2003 ـ شركة المطبوعات للتوزيع والنشر ـ ترجمة: ماريا طوق ، تدقيق لغوي : روحي طعمة

(***) أكبر : إحدى مدن الشام المذكورة بالرواية التي وقعت بها أغلب أحداثها

الخميس، 14 يناير 2010

جرد وتصفية



  • أ ـ إجمع كل نفايات أحاسيسك المستهلكة ، وأرم بها في وجه العبث والشك والحيرة ، ولاتنس أن تراهن على تجديد إقامتك داخل وطنك الغريب عن ميولك وإهتماماتك المفخخة ، لا تستند على حوائط مائلة أو على جدران مهدمة فلن تجد غير الميل والزلل والخطيئة .
  • ب ـ إطرح كل همومك جانبا ، إطرح عنك معوقاتك ورهاناتك الخاسرة ، واستسلم للصفاء والنقاء والطهر . علم نفسك كيف ترتقي وتترفع ، لتكون الحياة بك أروع وأمتع .
  • ج ـ إضرب بعصاك بحر المعوقات ، لينفلق أمامك ولينفرج عن إبتسامة شمسك الضحوك ، رغما عن كل المحيطين الأثمين ، رغما عن كل الشغوفين بانزلاقك وبتتبع مأساتك ، وابتع من حلاوة الصيف ما تحتاج به للقاء مرارة الشتاء .
  • د ـ إقسم ما وجدت من الأحزان على ما تراقص حواليك من أفراح ، ولون كل سوادات أيامك ببياض قلبك الحالم بالهدوء ، واعلن على الملأ أنك رهن التجديدات ، وأنك مغلق لتنفيذ الإصلاحات .

الخميس، 5 نوفمبر 2009

لحظة مشكوك فيها


تظهر التجاعيد بوضوح عندما تختفي البسمات من الشفاه التي ظلت تغطي الكذب الخارج من الجوف الخاوي بدون أن تعطي الفرصة لأن تدخل في مرحلة التوبة والغفران ، لأنها كانت توقن أنها بعيدة كل البعد عن نولهما .
كل يوم يعاود في الظهور خط جديد من الخطوط المحفورة بكل ثقة وثبات ، لا يهدر الزمن فيها أي استقرار .. بل يؤكد على وضوح مسيرتها على الجلد العابس المتراخي .
يحز في النفس احيانا عدم استطاعتها على تغيير المستقر بفعل الدهر ، لكنها لا تلبث أن تعتلي توجهاتها حبها لأن تكون على ظاهر السطح ، وليس بداخل العمق العميق .
أيكم يحار في تلبية مطالبها .. ليكون ذا شرود وهمة منتقصة وصاحب شتات عالق بالذهن المفتت من عسر هضم الافكار العشوائية .
نقطة ومن أول السطر .. يعني أنه سيبدأ بداية جديدة بصفحة بيضاء لا يشوبها غير ما شطب عليه من سطور نالها بسبب حظ قلمه العاثر المتشكك ذو السن المكسور دائما .
هي لوحة قديمة كان قد رسمها وفشل في إنهاء تشكيلاتها لانعدام فرصة خلط ألون جديدة حيث أنه لم يتبقى في جيبه من النقود ما يؤهله أن يرحم توسلات نظرات ضميره تجاه ما أغفله فيها .
أه لو يعاود الكره مرة أخرى .. بحق لن يجد أسعد من تلك اللحظات ، لكنه كان قد فات قطار الوقت دون رجعة ودون أن يحظى بتذكرة الركوب فيه رغم ما دفعه من عمره ليكون من المحظوظين أصحاب السعادة .
سيستمر ... نعم سيستمر .. لكن استمراره الأن غير مجدٍ في ظل غياب الروح الهادئة ، والقلب ما يزال فيه من الغصة ما يكفي لحمل أكفانه على يديه ، ليس ليفتدي نفسه بل ليلقي بها مع زمرة الضائعين .
يا صاحب السر .. أين السر ؟ .. إعطينيه .. أرجوك .. لا تبخل به علي .. فأنا عندي من الأذان ما يكفي لسماعك .. ولدي من الجفاف ما يشتاق لطيب ماءك .. وليس لي صاحبة ولا صحبة ولا أولاد كي أفشي به لهم .
حتى وإن أفشيت للغرباء .. فكن على ثقة أنهم لن يسمعونني .. سيصكون أسماعهم عني .. سيغلقون كل أبوابهم المفتوحة في وجهي .. سيرفضون كل ما أقول كما رفضوا كل ما قلت .. سيأتون لي بالتابوت إن أرغمتهم على النظر إلي أيضا .. سيرغمونني على النوم فيه ، وسيغلقونه علي بإحكام شديد كي لا أخرج ثانية .
كن على ثقة من إنني أعرف مصيري جيدا ، نعم أعرفه ويعرفني هو أيضا . فلقد تلاقينا مرارا لكنه كان دائما ما ينفك يخفي ذعره مني ، رغم علمه اليقيني أنني شديد الرهبة منه .
يخلع في هذه اللحظة كل ملابسه يلقي بكل أغراضه في نار مدفأته ليحصل على الدفء الحسي ، فكل ما بداخله بارد وكل ما عليه شديد البرودة .
يتجرد من كل شيء .. ومن كل اللا شيء .. عله يصبح شيئا .. عله يصبح فتات شيء عالق بشيء مفتت .
ترى عينيه ضجيج اللهب وتتفتح أحداقه كلما زودها بالأشياء التي كانت تخصه في وقت سابق كان فيه أرجوحة طفل لا يسعدها غير أن تجد من يهزها .
كان في هذا الوقت السالف أيضا خاتما دوارا بين اصبع حلمه البعيد الذي لم يتحقق أيا من تفصيلاته الشائكة .
هل كان الكون يتجسس عليه ، ويرقب أن يتخلى عن دور الكومبارس ليعيش دور الفاعل الأصلي ؟ أم أن اللحظة التي كانت لديه والتي بالغ في إهمال حقيقتها دارت عليه كما دارت الأيام لتهاجم فيه نقائصه وغرائزه .
( كـ ـ و ـ ن ) ... عالم بطعم الملح ، التراب ، الصبار .. مذاق مؤذي جدا ، ضار جدا ، لكنه ليس أمامه مفر ، ليس خلفه مهرب ، في الحقيقة ليس لديه أي مذاق أخر يرى أنه يحق له أن يستطعمه .

الاثنين، 19 أكتوبر 2009

سكرات قلب مريض

في ساحة الرفض المقوم بالعروض

في حضرة الشعر المجسد

تقف الخيول المجهدات من المعارك

خلف أحداق تربّت من تراث غابر

بين أقلام تشاركها المنية والدنية

والطعون

في يوم عيد لم يكن بالفرح مصحوبا يغني

هكذا تعلو القريحة بالنهى

وتجود أنهار الطبيعة باللألئ

من دموع الفاتنات العاشقات لحسنهن

كيف السبيل بعشقهن

إن لم تعش بين الغيوم

***

في عثرة النبض الملازم للدم

ونشوذ أوتار الحنين عن الهوى

وقيام ليل الصب في سهد الجوى

أيام شكرك تنطوي

من جهد أنفاس تشاطر نفسها

من غمرة الشوق المسدد بالقلوب

في غفلة العشاق عن عشق الذنوب

في طالع الشمس الملون منذ إشفاق الغروب

تقف السنون الحائرات من الضمير :

))لا لست تمنعها ، لا لست تجمعها ، لأنك منطو ))

والفقد فيك بلا مصدات تغيثك

من جراحات المصير

***

أنبئ عبادك يا إلهي أنني

مذ صرت لواحاًً بشاراتي الرصينة

لم أعد ذاك الضرير

أواه يا زمني الشغوف بلوعتي

أواه يا قدري

اواه يا شأني الذي

قد بعثرته

في نشوة الجسد المثير

أنبئ عبادك يا إلهي أنني

بين اليدين

لم تطوحني الرياح

لم تجردني ملابس شقوتي

ولم أشذ عن المسير


-----------------

الأحد، 18 أكتوبر 2009

لا حزن أو دمع

###############################################

سيدتي .. أنت

ليلى ... صاحبة التاج

يا عشق الأزمنة الفائتة

سريان الكلم على ورق مملؤء بالفرقة والبعد

سحر الأفلاك

وردة أحلام العالم

بلا أشواك

ساكنة الأوقات ودقات الساعات

حبي

يا حبي

ما بالك .. ما بال الحزن يغطي جفنيك

عفوا .. فالسر إذا بالبوح يضيع

لكني أملك فيك ما لا يخفى أو يستتر

لا تلتفتي

فأنا منك أعرف ما تعني الرقة

في غير حضور للقرب

وتخلي عن أجزاء الدقة

حتى تمتلئ صفحاتي نورا

أو أضع فيّ أوزار الحرب

أحلامك خطط موضوعة

ليراك الناس حين تقاسين

وشكوكك في لحظة عنف

تجلب أنوار الحب

وعبير الفل وزيت الزيتون

وطعم التين

سيدتي

يا أخر عشق في زمني

يا روح الطهر وحور العين

إني أعشقك

حتى أخر أنفاسي

وبقلبي أنت

تنامين

الخميس، 8 أكتوبر 2009

في البحر سمكة

::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::

أقف على حافة البحر الذي يصب فيه النيل فيضه محملا بهداياه الثمينة ذات الأصول السوداء الحارة .
أردد في نفسي كيف لهذا النيل الطويل العمر والمسافات أن يستمر دون أن يستوقفه عائق أو أن ينال من عطاءاته طامع ؟ وكيف لي أن أراه كريما راضيا ببطولته تجاه أراضينا القاحلة من غير مياهه ، دون أن أذكره في مجالس الذكر .
رغما عني أستمع إلى أصوات أفراس هذا النهر التي كانت تسبح فيه يوما ، وأحمد الله أنني ما قابلت يوما في أي من أيامي تمساحا من تماسيحه .
بالرغم من إنني لا أجيد السباحة إلا إنني أستمتع جيدا بالطفو ، وأحب ألوان الأسماك رغم أنني لست صبورا على اصطيادها ، وعندما أحسست بالغرق في أيام مضت لم أخزن في ذاكرتي غير ما شعرت به من إقتراب الموت في راحة ورضا ـ على غير العادة ـ من ضميري الذي يؤلمني كثيرا .
تأتي عروس البحر لتقترب مني دون أراها ، وعندما أشعر بأنفاسها الساخنات تطوقني شيئا فشيئا أتوجس منها خيفة ورهبة رغم ما فيها من جمال ورقة وخشوع .
أجلس معها على شط واسع مملوء بالأصداف الرقيقة وكلانا يمد رجليه وقدميه في المياه الساكنة ، أسألها أن تعطيني شربة ماء على الرغم من خواء معدتي وإحساسي بالجوع ، تملأ هي كفيها بماء صافٍ لأشرب ، ولأطلب منها أن تزيدني .
ألاحظ خطوط الحظ التي في يديها ـ التي تصب في اتجاه وحيد ـ وقد اختفت معالمها وأثارها ، وأخبرها أن خطوط حظي أكثر وضوحا وافتراقا ، أقبض على يديها علني أتلمس طريقى القادم بهداية من هذه الخطوط المحظوظة لأنها سكنت تلك الأيدي الناعمة .
تهمس بأذني أنها ترتاح على كتفي وتحس بالأمن والأمان ، فأسألها : " ألا تأمنين البحر وأنت عروسه ؟ " . أعرف أنها لم تكن أبدا راضية في ظل وحشة البحر وظلمته ، أنظروا إليه فما يظهر على سطحه لا ينبئ أبدا إلى ما في جوفه ، إنه غادر دائما .
أحس اقترابها مني أكثر وأحس بنوبات الكهرباء السارية في جسدي حتى يصيبني الشلل وتمنعني التحرك .
أطلب منها أن أرحل لأنني لست أهلا للحظة والحدث ، وتجيب إلي طلبي رغم ما أحس في عينيها من حزن لابتعادي ولاضطرابي المفاجئ .
نقف مودعين بعضنا وجها لوجه وعينا لعين وأنفا على أنف ... ياله من اقتراب ... ياله من سحر .
تسألني في مكر ورقة : " إمشي " ... " ها " ... كانت تلك إجابتي ...
تكرر : " يلا أمشي " .. " ها " ...
" بقولك امشي " ... " ــــــــــــ " .
هكذا إذن ليس هناك ما يمنع من البلوغ فقد تركت المراهقة منذ زمن بعيد .

الأحد، 4 أكتوبر 2009

نفخة روح

---------------------------((((((((()))))))))))))--------------------------------------
لم ير في الحياة ألوانه ولم يذق طعم التفاصيل الدقيقة ، كان وحسب دائما جزءا من الحقيقة .
لم تترك الأيام فيه إلا تمثالا من لحم ودم ، أنفاسا تجري في صدره بلا أحاسيس ، قلب لم تكن أكثر وظائفه إلا بث النبضات المجردة في العروق الباردة .
باختصار شديد لم يكن إلا إنسانا جافا لم يعرف ليونة الطبع فيه أو الطبيعة من حوله .
حاله مثل أحوال المساكين الذين يعفون عن سؤال الآخرين جرعة حب أو قطعة حنان أو كسرة عطف .
كان يحكي ويتكلم دون أن يعيش التجربة إلا على صفحات أوراقه البيضاء .. خائفا من الضياع بين طيات الآلام وعذابات الفراق والبعد .
(( بتحبني ؟! )) .. لم يستطع خلق الإجابة .. (( بقولك بتحبني ؟!)) .. كررتها عليه دون أن تحظى بأية إشارة ، لكنهما كانا قد اشتد عليهما الإحساس عاصفا تارة ووديعا تارة أخرى .
هي : اللحظات النادرة ، والآمال البعيدة ، والروح السابحة في كل ذي حياة .
كان يعرف أن الله خلق الإنسان الأول وبث فيه من روحه ، وأننا ما زلنا نعيش في ظلال وجود الروح الأول ونكتسبها ميراثا أبا عن جد ، وأننا لا نريد أن تكون هذه الروح يوما خارج حدود أجسادنا .
إلا أن الله خصه مثل آخرين كثيرين في دنيانا الرحبة بنفخة روح أخرى كانت عبر وسيط ذو ملمس بشري .. وها هو يتمنى في نفسه أن يتلقى نفخات عديدات أخرى في أيامه القادمات .
(( يا أيها الندى المعتق ، خبرني .. من أين تأتي بالرقة ؟! ـ منك )) .
(( يا روح الصفو .. أنبئيني ، متى حللت في جسدي ؟! ـ وقتما سمحت لي بالحلول )) .
(( يا أيها الكلم ، يا أيها النور ، يا أيتها الفراشات .. أجيبوني ، كيف تكون لكم السطوة والملك ؟! ـ بإرادتك )) .
هكذا ظلت ترد عليه كلما راوده السؤال ، وعلى هذا شاهدا انبعاث قمره بدرا دون أن يدور في منازله المعلومة المقدرة .جلس وحيدا ، يبحث عن الإجابات .. فأمسك بالقلم عله يملك التفسيرات .
كتب القلم :(( لا أعرف لماذا أعجز عن تشكيل الحرف في أي من رسائلي التي أوجهها إليك .. ولا أعرف لما تنتابني حالات الضياع والفقد دون وجودك أو وجود أثارك بجانبي .ولأي مدى سيصير حالي ذائبا في رغبتك .. منكسرا لطاعتك .. تتوهمين دائما أنه ليس لديك السلطة أو التأثير , لكني أشهدك على نفسك يا صاحبة السمو أنك ربة الجمال والرقة والعصافير والفراشات والأحلام والقواقع والاصداف .وأنك يا صغيرتي ما تشتهي نفسي )) .
على الناحية الأخرى ، من الجانب الأخر للكون .. كانت هي أيضا تبحث عن القلم لتكتب :(( ما بين قلبي لك ، ورغباتي المؤجلة علاقة طردية .. ولكن في عشقك قنوعة مستسلمة .. هادئة .. متحررة .. طفلة عاقلة .. ومصطنعة للتعقل ..أنا في عشقك أسيرة للحظة وللموقف وللمكان وللزمان و ....... لكرمك المفاجئ .. أحبك ))

الثلاثاء، 15 سبتمبر 2009

ألوان وأطياف

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
______________________________
ـ أن أردت ان تكون محبوبا ، فاحبب نفسك قدر حبك للأخرين
ـ لا تتذوق الحب كتذوقك للحلوى بل كتذوقك للماء العذب
ـ حاول أن تحب بقدر المستطاع وليس بكل ما أوتيت من قوة وعزم
ـ إن كنت يوما فريسة لمخالب حب عاصف فلا تحاول الهرب بل إقصد النجاة
ـ لا تكن دؤوبا في البحث عن الحبيب ، فلن يأتيك أن اشتد طلبك له
ـ المريض أحسن حالا من المغرم لأن الأول يجدون في إنقاذه بطبيب ،أما الأخير فلا طبيب له
ـ حاول أن تستريح بين كل حب وحب بحب
ـ لا تجعل حبك أول همك أو أخره بل إجعله واسطة عقدك
ـ كلما أحببت وعشت أحلام يقظتك تذكر أنك قد تصحو يوما بدون أحلامك السالفة
ـ لا تعط قلبك بسهولة ويسر فما يؤخذ سهلا لا يمكنك استرداده أبدا
ـ إعلم أن حلاوة الحب كالعسل لا يأتيك إلا بعد ان يمتزج بما هو داخلك
ـ اعمل على تنقية نفسك من شوائب حب مضى بدون أن تدخل في تجارب جديدة
ـ في الحب حاول أن تكون يقظا لماحا فطنا كي لا يسرق قلبك منك
ـ لا تجد بقلبك على أول سائل له ، فإن هو كان محبا بحق ما كان سألك اياه
ـ إن أحببت يوما فلا تسرف في الحب ، فقليله منعش وكثيره مسكر

ليلة قدر

____________________________________________________
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أنا مع الموعد في انتظار شاهد على مجريات أموري ، حالم بمنتهى الأحداث التي اعتركتها واعتركتني ، ذائب دوما في الطريق المرسوم بدقة والمكتوب في اللوح المحفوظ .
أظنني ما رسمت رسما إلا وتحققت خطوطه بأشكال مختلفة ساحرة ، وأظن أيضا بأن ليلاتي كانت تشاهدني كل مساء باحثة عن جديتي خلف كل لحظات هزلي وطرح أفكاري الشاهقات .
أسبح بحمدك يا ربي وأذكرك كلما تذكرت أيضا وليس إذا نسيت فقط ، وأعلن أمام حضورك وجلالك أنني أحتاجك في هذه الأيام مثلما احتجت وجودك معي في أيامي المنقضيات وكما سأحتاج نظرتك لي في مستقبلياتي .
لن أتخلى عن إيماني بك مهما دفعتني نفسي أن أعصيك ، ولن أيأس من رحمتك وكرمك مهما فشلت وتخبطت في جدران الدنيا الرافضة .
أحبك يا ربي لأني أعلم بحبك لي ، وأعلم أنك ما خلقتني باطلا سبحانك .
وأعلم سرك الذي يخفى عليّ ، وأعلم أنني في حدودك ممنوع وراغب ، وأن ما يجري لي هو ما تناوله مجرى القلم الكاتب .
أشهدك في هذه الليلة وكل ليلة قدر قادمة بأنني ما زلت صغيرا بدونك ، ذليلا يحتاج إلى عزتك ، ضالا يبحث عن هدايتك .
لا أحتاج واسطة من أحد لكي تسمعني ، فأنت قريب جدا من قلبي الرابض تحت سمعك وبصرك .
أعلم أيضا أنك تمن وتمنح علي بالكثير والكثير مع أنني أكون في غاية البخل والشح معك .
أراك يا ربي دائما في كل شيء ، وأسمعك يا ربي وأنت تخاطبني رغم ضلالتي وعصياني .سبحانك ليس لي إلا لسان واحد وقلب وعقل واحدين فاجعلهما رغما عني في طاعتك واجعل حبك لي جائزتي واجنبني الشيطان وشركه ، واهدني يا رب الأرباب .
ربي .. لك السلطان والحكمة والجاه والأمل وليس بيدي شيء غير توبتي إليك واستغفاري من ذنوبي فتولني إنك نعم المولى ونعم النصير .
ربي .. إنك تعلم ما بي وما بقلبي ، فكن سندي يا مجيب المضطر إذا دعاه .
ربي .. إني أدعوك فاستجب ، وأستغفرك فاغفر ، وأتوب إليك فتب عليّ .. يا رحمن ، يا رحيم

بلا عنوان أو هوية

________________________________________
________________________________________
عندما ترفع قبعتك احتراما للحدث ، وتبحث عن من يسعى لمشاركتك انتظاره وترقبه وإقامة فاعلياته .
عندما تخط بيديك المرتعشتين على جداريات نفسك أجمل الرسومات الملهمة من وقائع فعلية فاعلة .
عندما ترتكب أكثر الحماقات وتكون من وجهة نظرك وحدك أنت فقط اعظم الانتصارات والإنفعالات والأحاسيس.
عندما تكتسب كل يوم وكل ساعة وكل لحظة أملا جديد ، وخلقا جديدا ، وسعادة لا طائل لها بغير حول منك ولا قوة .
عندما ترتمي في أحضان الموج متمنيا أن يأخذك إلى نقطة اللا عودة واللا ملتقى واللا بر أو اللا شطوط.
عندما تستمع لنداءات القلب فقط دون الإصغاء أو الانتباه لأي إشعارات اخرى من اتجاهات غير التي قد سلكت فيها أولى خطوات معرفتك .
عندما تبكي وتضحك في نفس الوقت ، وعندما تتمنى أن تقول كل شيء في ذروة صمتك وسكوتك .
عندما تركن بهدوء نفس إلى أوقاتك المفعمة بالحرية والطيران الأمن بلا أي مطبات جوية أو أرضية .
عندما تكون معلما ومتعلما في نفس المدرسة .
عندما تخاف أن تفارق بدرجة حبك لأن تبقى .
عندما تشاهد صورتك في مرآة شخص غيرك كائنا بجوارك برغم البعد والمسافات .
عندما تسمع دقات قلبك التي تشبه دقات الساعات تضطرب اضراب أقدام الخيل في الحروب لتنشئ نغما موسيقيا عذبا لا مفر منه ولا جدوى من تلاشيه ليكون واجبا عليك إدراكه .
عندما تطبع بذاكرتك أول الأحداث لكي تتذكرها بينك وبين نفسك بين الحين والحين لتحيا بداخلك قشعريرة الجذب والدوران والمد .
عندما تفتح عينك على حركات الفراشات وألوان قوس قزح .
عندما تبحث في الأبراج عن سهمك ونصيبك وحظوظك .
عندما تكتفي بأي شيء مهما صغر مقامه لكي تعايش أكثر الأشياء حضورا وجاذبية وفن .
عندما تترقب نبضاتك وحركة كرات دمك كي تشاهد مطالع الفجر وحركات النجوم والكواكب .
عندما تعترف بدون ضغط أو إكراه أو تعذيب ودون أن يكون هدفك الحصول على حكم براءتك .
عندما تفتح يدك في الهواء الطلق كي تسافر في معين من الانتظار واللهفة والشوق
أخيرا عندما تكون أنت لست أنت وهو ليس هو وهم ما عادوا هم .
عندها يا من أحدثه تكون قد وقعت في الفخ ولست بخارج منه لأنك قد عشقت شباكه وتمنيت في كل أحلامك السابقات أن تكون صيدا وفريسة سهلة المنال .

الثلاثاء، 11 أغسطس 2009

أنا الحب المحيط

أنا في اتحاد العاشقين
المترفين وحيد
بقلب وحيد
ولي في الزمان سعاد وليلي
وساحات سهد
وأرضي جليد
فحينا أهادن تلك النفوس
التي ما استمرت
تشاطر قلبي
بعنف مديد
وحينا ألامس في الحب دينا
وربا مجيد

*******
أنا مسك الخواتيم
أنا مَلِك ومملوك ومملكة
وذو الرأي الرشيد
أنا قاموس بلا حرف
ولا معنى
وفي العشق أنا طب وأدوية
وشاراتي مدونة
على إطلاق كثرتها
بحوائط القلب السعيد

*********
أنا ـ في الحب ـ ملتزم
وممنوح
ومقترب
ومنتظر
ومقتصد
ومنتشر
ومحترف
ومختلف
أنا ـ في الحب ـ مرتعد
ومفتقد
ومنفصل
ومنعزل
ومغترب
وممنوع
ومختلق
ومنكسر
ومنحرف
لكنني في الحب دوما أبعد من بعيد
سوطا لذيذ الوطأة
ألم جديد

**********
أنا من يمنح الإحساس
والتاريخ
والمضامين الملفقة
وألوان التباريح
والقول المسبب
والهوى ملكي
أنا وحدي
فليشرب الظامئون نخبي
وليملأوا أكف الجفاف
لعلي أحاكي عيونا تشذ
عن الوتر المثابر في القمع
لكي لا تهاجر فيّ حدود السبيل
بغير اشتراك وإحراز سهم
بأنواء هجري
وسوق العبيد

الأحد، 5 يوليو 2009

بعد اللي كان

لم أعد عالما بشيء ، ولا منتظرا لشيء ، كله سواء ، كله إلى العدم .
لم أعد أنا على مشارف الحياة أو الموت .
لم أعد بيني وبين نفسي .
لم ..................
لم ..................
لم يكن علي أن أحدد خارطة نفسي ،أو أن أرتب ما تركت على جانب القلب الرخو .
لم تمل مني نفسي كي أبحث لي عن رفقة أخرى .
لماذا فعلت ما لا ارجوه .
ولماذا لم أحسم بقبضتي نبضات الأمور .
******
أنا واللي كان
أخره ليالي محزنة
أنا واللي كان
مرسوم بصورة مذهلة
أنا في الحياة
رافض لكل المعجبين المفتونين
بالكلام
اللي بيدون معاني ذكرياتي
في صيف ملاوع
ملهوش قرار
يا ضلمتي
فكي خيوطك عن عيونهم
حبه حبه
واختمي ليلك بفجر
ونور صباح
يا فرحتي
باللي انت جاي تشكيلي بيه
هوه الحرام يبقى الحلال
ولا انت مش قدك خلاص