الأحد، 17 أغسطس 2008

انكســــــــــــــار

كان يريد أن يخرج من دائرته المغلقة التي وضعته فيها ، كان هذا المكان وهذه الدائرة عقابا لأنه أراد الهروب من بين حبالي التي ربطتها فيه و شددت وثاقها.
لم يرد ـ وهو الحر طوال عمره ـ أن يظل فيها ، فقد كان يعيش حريته في البرية بدون قيود ، وجئت أنا تربصت وحصلت عليه دون رضائه ووضعته في هذه القيود .
وكان جامحا لا يأبه أحدا ، ظل رافضا للطعام والشراب ، وانقطع عن تناول قطع السكر لأيام ، إلا إنني لم ألح عليه في الأكل أو تناول حبات السكر ، حتى مد إليها فمه وتناولها بعد أن أطبق عليه الجوع والقيد ، وأحس أنه لن يفعل شيئا بمقاطعته للطعام والشراب ، وأنه لن يلقى إلا الموت مصيرا له.
وهكذا ظلت العلاقة بيننا ، فهو لم يعتد عليّ وأنا لم أخرجه من قيده ، فكان ـ في أيامه الأول ـ يزمجر ويضرب الأرض والجدران برجليه وبرأسه ، ويثور جامحا عندما يراني أو يسمع صوتي … ظل شهورا على هذه الحال حتى مللت منه ، وفقدت فيه الرجاء بأن يكون مطيعا لي ، أستطيع التحكم فيه ، أمره فيستجيب لي ـ فعزمت أن أترك له العنان ، ويذهب إلى حيث كان ، فيرجع إلى بريته وهمجيته التي كان عليها.
إلى أن أتى ذلك اليوم ، الذي فيه فككت قيده وأخرجته من الدائرة وتركته وشأنه ، لم يكن صابرا حتى أفك كل قيوده ، وأخذ يجري حتى غاب عن مدى بصري.
وهكذا ظللت أياما لم أتوقع فيها رجوعه ، وبينما أنا أنظر إلى أخر مكان رأيته فيه قبل أن يرحل ، إذ بي أسمع صوته يحمحم ، وقد جاء يجرجر في رجليه حتى وصل لمكاني ، ولم يستطع أن يرفع بصره إلي ، وظل مطأطئ الرأس حتى رفعتها إلي وربتت على كتفه ، وأنا أمد إليه يدي بقطع السكر.

هناك 3 تعليقات:

RASHA يقول...

اعتقد انك بتتكلم عن حصان ام القصة لها مدلول اخر بس الغريب انه رجع لك مرة اخرى مطأطأ الراس ربما ذهب مكان اخر لم يقدموا له فيه السكر تحياتى

مصطفى فتحي يقول...

قلمك قدر يعمل حالة أدبية حلوة
تحياتي

Ahmed Hishmat يقول...

عزيزتي رشا شكرا لك
هو فعلا لم يجد السكر إلا عندي أنا
ولكن في الحقيقة والواقع
النهاية كانت غير كده
......................
.......................
الأستاذ المبجل / مصطفى فتحي
شكرا لك متابعتك لما أدونه في مدونتي المتواضعة
على فكرة :..
تعليقاتك أجمل ما عندي هنا
تحياتي