الأحد، 17 أغسطس 2008

أحمد العربي ( في رثاء درويش )


رحل الشاعر محمود درويش ولم أجد كلاما أرثيه به أكثر تعبيرا من كلام قصيدته (أحمد العربي )،
فلندع درويش يرثي نفسه بنفسه
.............................................................................................................
تقول القصيدة :
ليدين من حجر و زعتر

هذا النشيد .. لأحمد المنسيّ بين فراشتين

مضت الغيوم و شرّدتني

و رمت معاطفها الجبال و خبّأتني

.. نازلا من نحلة الجرح القديم إلى تفاصيل

البلاد و كانت السنة انفصال البحر عن مدن

الرماد و كنت وحدي

... ثم وحدي

آه يا وحدي ؟ و أحمد

كان اغتراب البحر بين رصاصتين

مخيّما ينمو ، و ينجب زعنرا و مقاتلين

و ساعدا يشتدّ في النيسان

ذاكرة تجيء من القطارات التي تمضي

و أرصفة بلا مستقبلين و ياسمين

كان اكتشاف الذات في العربات

أو في المشهد البحري

في ليل الزنازين الشقيقة

قي العلاقات السريعة

و السؤال عن الحقيقة

في كل شيء كان أحمد يلتقي بنقيضه

عشرين عاما كان يسأل

عشرين عاما كان يرحل

عشرين عاما لم تلده أمّه إلّا دقائق في

إناء الموز

. و انسحبت

، يريد هويّة فيصاب بالبركان

سافرت الغيوم و شرّدتني

ورمت معاطفها الجبال و خبّأتني

أنا أحمد العربيّ - قال

أنا الرصاص البرتقال الذكريات

و جدت نفسي قرب نفسي

فابتعدت عن الندى و المشهد البحريّ

تل الزعتر الخيمة

و أنا البلاد و قد أتت

و تقمّصتني

و أنا الذهاب المستمرّ إلى البلاد

... و جدت نفسي ملء نفسي

راح أحمد يلتقي بضلوعه و يديه

كان الخطوة - النجمه

و من المحيط إلى الخليج ، من الخليج إلى المحيط

كانوا يعدّون الرماح

و أحمد العربيّ يصعد كي يرى حيفا

. و يقفز

أحمد الآن الرهينه

تركت شوارعها المدينة

و أتت إليه

لتقتله

و من الخليج إلى المحيط ، و من المحيط إلى الخليج

كانوا يعدّون الجنازة

وانتخاب المقصلة

أنا أحمد العربيّ - فليأت الحصار

جسدي هو الأسوار - فليأت الحصار

و أنا حدود النار - فليأت الحصار

و أنا أحاصركم

أحاصركم

و صدري باب كلّ الناس - فليأت الحصار

لم تأت أغنيتي لترسم أحمد الكحليّ في الخندق

الذكريات وراء ظهري ، و هو يوم الشمس و الزنبق

يا أيّها الولد الموزّع بين نافذتين

لا تتبادلان رسائلي

قاوم

إنّ التشابه للرمال ... و أنت للأزرق

و أعدّ أضلاعي فيهرب من يدي بردى

و تتركني ضفاف النيل مبتعدا

و أبحث عن حدود أصابعي

... فأرى العواصم كلها زبدا

و أحمد يفرك الساعات في الخندق

لم تأت أغنيتي لترسم أحمد المحروق بالأزرق

هو أحمد الكونيّ في هذا الصفيح الضيّق

المتمزّق الحالم

و هو الرصاص البرتقاليّ .. البنفسجه الرصاصيّة

و هو اندلاع ظهيرة حاسم

في يوم حريّه

يا أيّها الولد المكرّس للندى

َ! قاوم

يا أيّها البلد - المسدس في دمي

! قاوم

الآن أكمل فيك أغنيتي

و أذهب في حصارك

و الآن أكمل فيك أسئلتي

و أولد من غبارك

فاذهب إلى قلبي تجد شعبي

شعوبا في انفجارك

... سائرا بين التفاصيل اتكأت على مياه

فانكسرت

أكلّما نهدت سفرجله نسيت حدود قلبي

و التجأت إلى حصار كي أحدد قامتي

يا أحمد العربيّ ؟

لم يكذب عليّ الحب . لكن كلّما جاء المساء

امتصّني جرس بعيد

و التجأت إلى نزيفي كي أحدّد صورتي

. يا أحمد العربيّ

لم أغسل دمي من خبز أعدائي

و لكن كلّما مرّت خطاي على طريق

فرّت الطرق البعيدة و القريبة

كلّما آخيت عاصمة رمتني بالحقيبة

فالتجأت إلى رصيف الحلم و الأشعار

كم أمشي إلى حلمي فتسبقني الخناجر

! آه من حلمي و من روما

جميل أنت في المنفى

قتيل أنت في روما

و حيفا من هنا بدأت

و أحمد سلم الكرمل

و بسملة الندى و الزعتر البلدي و المنزل

لا تسرقوه من السنونو

لا تأخذوه من الندى

كتبت مراثيها العيون

و تركت قلبي للصدى

لا تسرقوه من الأبد

و تبعثروه على الصليب

فهو الخريطة و الجسد

و هو اشتعال العندليب

لا تأخذوه من الحمام

لا ترسلوه إلى الوظيفه

لا ترسموا دمه و سام

فهو البنفسج في قذيفه

صاعدا نحو التئام الحلم

تتّخذ التفاصيل الرديئة شكل كمّثرى

و تنفصل البلاد عن المكاتب

و الخيول عن الحقائب

للحصى عرق أقبّل صمت هذا الملح

أعطى خطبة الليمون لليمون

أوقد شمعتي من جرحي المفتوح للأزهار

و السمك المجفّف

للحصى عرق و مرآه

و للحطاب قلب يمامه

أنساك أحيانا لينساني رجال الأمن

يا امرأتي الجميلة تقطعين القلب و البصل

الطري و تذهبين إلى البنفسج

فاذكريني قبل أن أنسى يدي

... و صاعدا نحو التئام الحلم

... تنكمش المقاعد تحت أشجاري و ظلّك

يختفي المتسلّقون على جراحك كالذباب الموسميّ

و يختفي المتفرجون على جراحك

! فاذكريني قبل أن أنسى يديّ

و للفراشات اجتهادي

و الصخور رسائلي في الأرض

لا طروادة بيتي

و لا مسّادة وقتي

و أصعد من جفاف الخبز و الماء المصادر

من حصان ضاع في درب المطار

و من هواء البحر أصعد

من شظايا أدمنت جسدي

و أصعد من عيون القادمين إلى غروب السهل

أصعد من صناديق الخضار

و قوّة الأشياء أصعد

أنتمي لسمائي الأولى و للفقراء في كل الأزقّة

: ينشدون

صامدون

و صامدون

و صامدون

كان المخيّم جسم أحمد

كانت دمشق جفون أحمد

كان الحجاز ظلال أحمد

صار الحصار مرور أحمد فوق أفئدة الملايين

الأسيرة

صار الحصار هجوم أحمد

! و البحر طلقته الأخيرة

يا خضر كل الريح

! يا أسبوع سكّر

يا اسم العيون و يا رخاميّ الصدى

يا أحمد المولود من حجر و زعتر

ستقول : لا

ستقول : لا

جلدي عباءة كلّ فلاح سيأتي من حقول التبغ

كي يلغي العواصم

و تقول : لا

جسدي بيان القادمين من الصناعات الخفيفة

و التردد .. و الملاحم

نحو اقتحام المرحلة

و تقول : لا

و يدي تحيات الزهوز و قنبلة

مرفوعة كالواجب اليومي ضدّ المرحلة

و تقول : لا

يا أيّها الجسد المضرّج بالسفوح

و بالشموس المقبلة

و تقول : لا

يا أيّها الجسد الذي يتزوّج الأمواج

فوق المقصلة

و تقول : لا

و تقول : لا

و تقول : لا

و تموت قرب دمي و تحيا في الطحين

ونزور صمتك حين تطلبنا يداك

و حين تشعلنا اليراعة

مشت الخيول على العصافير الصغيرة

فابتكرنا الياسمين

ليغيب وجه الموت عن كلماتنا

فاذهب بعيدا في الغمام و في الزراعة

... لا وقت للمنفى و أغنيتي

سيجرفنا زحام الموت فاذهب في الرخام

لنصاب بالوطن البسيط و باحتمال الياسمين

واذهب إلى دمك المهيّأ لانتشارك

و اذهب إلى دمي الموحّد في حصارك

... لا وقت للمنفى

و للصور الجميلة فوق جدران الشوارع و الجنائز

و التمني

كتبت مراثيها الطيور و شرّدتني

ورمت معاطفها الحقول و جمعتني

فاذهب بعيدا في دمي ! و اذهب بعيدا في الطحين

لنصاب بالوطن البسيط و باحتمال الياسمين

يا أحمد اليوميّ ‍

يا اسم الباحثين عن الندى و بساطة الأسماء

يا اسم البرتقاله

! يا أحمد العاديّ ‍

كيف محوت هذا الفارق اللفظيّ بين الصخر و التفاح

! بين البندقيّة و الغزاله

... لا وقت للمنفى و أغنيتي

سنذهب في الحصار

حتى نهايات العواصم

فاذهب عميقا في دمي

اذهب براعم

و اذهب عميقا في دمي

اذهب خواتم

و اذهب عميقا في دمي

اذهب سلالم

! يا أحمد العربيّ... قاوم

... لا وقت للمنفى و أغنيتي

سنذهب في الحصار

حتى رصيف الخبز و الأمواج

تلك مساحتي و مساحة الوطن - الملازم

موت أمام الحلم

أو حلم يموت على الشعار

فاذهب عميقا في دمي و اذهب عميقا في الطحين

لنصاب بالوطن البسيط و باحتمال الياسمين

... و له انحناءات الخريف

له وصايا البرتقال

له القصائد في النزيف

له تجاعيد الجبال

له الهتاف

له الزفاف

له المجلّات الملوّنه

المراثي المطمئنة

ملصقات الحائط

العلم

التقدّم

فرقة الإنشاد

مرسوم الحداد

و كل شيء كل شيء كل شيء

حين يعلن وجهه للذاهبين إلى ملامح مجهه

! يا أحمد المجهول

كيف سكنتنا عشرين عاما و اختفيت

و ظلّ وجهك غامضا مثل الظهيرة

يا أحمد السريّ مثل النار و الغابات

أشهر وجهك الشعبيّ فينا

واقرأ وصيّتك الأخيرة ؟

يا أيّها المتفرّجون ! تناثروا في الصمت

و ابتعدوا قليلا عنه كي تجدوه فيكم

حنطة ويدين عاريتين

وابتعدوا قليلا عنه كي يتلو وصيّته

على الموتى إذا ماتوا

و كي يرمي ملامحه

! على الأحياء ان عاشوا

! أخي أحمد

و أنت العبد و المعبود و المعبد

متى تشهد

متى تشهد

متى تشهد ؟

هناك تعليقان (2):

شهد الكلمات يقول...

التعلق الاول

اية ده يا متر

حرام عليك انا مش عارفة اقرا حاجة خالص الخط صغير جدا انا جالي حول ممكن تكبر الخط شويتين عشان اعرف اقراه يعني لو مافيهاش احراج و زعل

و يا باشا انا جاوبت ع الواجب في مدونتي حكاوي القهاوي ابقي تعالي و زورني هناك

تحياتي

Ahmed Hishmat يقول...

وأنا تحت أمرك
وكبرت الخط عشان خاطر عنيكي