الجمعة، 21 مارس 2014

“صوت الحق وصويت الباطل”


تدوينة عن أحداث قضية مجلس الوزراء:


قضية أحداث مجلس الوزراء  12/ 2011 اللي خدت مننا راقات وراقات من أول يوم حصلت فيه الأحداث ولحد دلوقتي مرمطة وبهدلة قدام نيابة وقضاة تحقيق ومحكمة جنايات عادية لحد ما وصلنا بعد تنحي قاضيها إلى محكمة جنايات متخصصة في قضايا الإرهاب.
المشكلة الحقيقة اللي بتواجهنا في القضية دلوقتي مش إننا واقفين متهمين زي كل القضايا اللي فاتت، المشكلة في تدليس وغش أجهزة الدولة وسيطرتها المبالغ فيها على كل الملفات ومفيش حد مش متهم في التدليس والغش وإخفاء المعلومات الحاصل ده من كل المؤسسات الخاضعة بشكل أو بأخر للنظام القديم اللي جزء منه هو "وزارة الدفاع" وده جزء مسيطر ومتحكم في الكل ومنفصلش عنه وظل بيعمل كل ما في وسعه وبيقود وبيتحكم وبيناور عشان يحافظ على نظام مبارك بعد قيام الثورة في 25 يناير 2011.
بصرف النظر عن جدلية أساسية من جدليات ما بعد الثورة اللي هي " الجيش حمى الثورة" ولا لأ، واللي خدت نقاش ومعارك بين شباب الثورة وكل الشعب المصري بطوائفه وفئاته وإخوانه وأحزابه وسلطاته وبابا غنوجه.

مجلس عسكري متهم:
نيجي للمشكلة اللي في قضية مجلس الوزراء، إن الخصومة الحقيقية في القضية دي بين المجلس العسكري كمؤسسة أدارت شئون الحكم فيما بعد تنحي مبارك المخلوع، واتخذ أفرادها قرارات كانت تقدر تقول بطيئة في مواضيع خاصة بالإنتخابات الرئاسية والتشريعية أو في محاكمات رموز النظام القديم اللي بينتموا هم شخصيا إليه، أو متسرعة وظالمة في محاكمات عسكرية وتشويه لفرق الثورة وتدخل مفرط في القوة والعنف مع مظاهرات "العيش والحرية والكرامة الإنسانية".

نيابة ولا قضاة تحقيق:
وعشان كده طلبنا من أول ما بدأت الأحداث في 16/12/2011 ندب قاضي تحقيق، عشان كنا بنأمل إن انتداب قاضي وإبعاد يد النيابة العامة اللي كان يرأسها "عبد المجيد محمود" المعزول لاحقا، بقرار من "مرسي" المعزول برضه بعد موجة إحتجاجات 30 يونيو 2013.
وساعتها انتدبت الجمعية العمومية لمحكمة الاستئناف "3 قضاة" مش قاضي واحد، واتنقلنا من الوقوف أمام النيابة العامة إلى القضاة الثلاثة دول، ولكن للأسف اللي كنا نأمله من وجود حياد وسرعة فصل في الاتهامات والتحقيق النزيه العادل والعدالة الناجزة وتنفيذ الإجراءات القانونية السليمة اللي هتنصف المظاليم سواء اللي اتقتلوا ولا التسحلوا ولا اللي اتعروا ولا اللي اتصابوا ولا اللي اتسجنوا ولا اللي اتعذبوا، متحققش منه أي حاجه، وبقى كل مساوئ النيابة العامة قدامنا هي هي رغم انتداب قضاة تحقيق، وزاد على ده فشل وظيفي متعلق بانعدام خبرة حقيقة مطلوبة في إدارة التحقيقات الخاصة بالنوع ده من القضايا، اللي بيكون فيه تهم متعددة، وكمان بيكون الدولة وكبار موظفيها متهمين فيها زيهم زي افراد الشعب العاديين والمواطنين الغلابة المظلومين.
والفشل في الإجراءات الإدارية المطلوبة لإدارة تحقيق مختلف كاشف للحق ومنتزع للقوة وللحق بشكل يليق بتحقيق العدالة وإنصاف المظلوم، جرجرنا لسكة اللي يروح ميرجعش، ودخلنا في دوامة التفاصيل وإنعدام السلطة الحقيقية في محاكمة العسكر أمام القضاء العادي، وابتدأ "القضاة" اللي تم انتدابهم للتحقيق يستعينوا بالنيابة العامة لإجراء أجزاء كبيرة من التحقيقات، لإن قضاة التحقيق معندهمش عدد الموظفين أو المساعدين اللي يخليهم يجروا كل التحقيق، وكان لازم لهم عشان يخلصوا كل التحقيقات إنهم يستعينوا بالنيابة العامة، فبقى عندنا نيابة عامة بأعضاءها وموظفيها بتحقق وهي مكرهة على ده لإنهم شايفين إن دي مسئولية "قضاة التحقيق" بناء على قرار الجمعية العمومية لمحكمة الاستئناف،  وقضاة تحقيق بيخلصوا التحقيق وعندهم رؤية سياسية مخالفة لرؤية المتهمين وبان من تصرفاتهم وتعليقاتهم في التحقيقات قد ايه هما ضد اللي بيحصل من تظاهر واعتراض على قرارات السلطة. ده غير إن بعض من القضاة دول كان بيحتل مراكز ادارية في مؤسسات الدولة زي "مجلس الشعب" قبل الموجة الأولى من ثورة 25 يناير 2011.

محكمة جنايات عادية في أكادمية الشرطة:
وصدر أمر الإحالة من قضاة التحقيق في 7 مايو 2012 بعد سنة وخمسة شهور من التحقيق في القضية من قضاة التحقيق، والمفاجأة اللي مكنتش مفاجأة الصراحة، إن تم إحالة 269 متهم من المتظاهرين اللي كانوا في شوارع ميدان التحرير بيطالبوا بالعيش والحرية والكرامة الإنسانية، ولم يصدر اي قرارات إحالة أخرى متعلقة بقتل أو إصابة أو تعذيب أو إحتجاز المتظاهرين دول.
ولم يصدر من قضاة التحقيق أي إدانة لأي من أفراد الدولة أو رؤساء مؤسساتها أو اتهام عن الجرائئم اللي ارتكبوها ضد المتظاهرين وضد الشعب المصري في الأحداث الخاصة بمجلس الوزراء، على الرغم من البلاغات اللي تملى دواليب محاكم ضد الدولة وموظفيها، سواء كانت ضد المجلس العسكري أو الأمن المركزي أو القوات المسلحة أو وزير الصحة ومديرين المستشفيات الحكومية أو قضاة التحقيق نفسهم اللي قدمنا فيهم بلاغات وشكاوى للنائب العام والتفتيش القضائي.
ووقفنا قدام محكمة جنايات عادية الدائرة 17 جنايات جنوب القاهرة، وتم التحفظ على المتهمين "المتظاهرين سابقا" في نفس القفص اللي وقف فيه مبارك وولاده وحبيب العادلي.

التهم:
وجه قضاة التحقيق للمتهمين عدد كبير من التهم، من بينها:
 مقاومة السلطات والحريق العمدي لمبان ومنشآت حكومية وإتلافها، واقتحامها، والتخريب، وإتلاف الممتلكات العامة والخاصة، وتعطيل المرافق العامة، وحيازة أسلحة بيضاء، وقنابل مولوتوف وكرات لهب، فضلا عن حيازة البعض منهم مخدرات بقصد التعاطي وممارسة مهنة الطب دون ترخيص، والشروع في اقتحام مبنى وزارة الداخلية لإحراقه، وإتلاف وإحراق بعض سيارات وزارة الصحة، وسيارات تابعة لهيئة الطرق والكباري، وبعض السيارات الخاصة بالمواطنين التي تصادف تواجدها في شارع الفلكي.

الدائرة 17 جنايات جنوب القاهرة:
وفضلت القضية تتأجل قدام الدائرة 17 جنايات جنوب القاهرة كالتالي:

1)    الأحد 29-07-2012 أول جلسة
القرار: استمرار حبس 5 متهمين في أحداث مجلس الوزراء، وإخلاء سبيل 11 متهمًا.

2)    السبت 20/10/2012 ثاني جلسة
القرار: تأجيل الدعوى لاستدعاء الشهود، مع إخلاء سبيل جميع المتهمين.

3)    الخميس 29-11-2012 ثالث جلسة
القرار: تأجيل لحين البت في التظلمات المقدمة من المتهمين في قانون العفو الشامل.
4)    الخميس 31-01-2013 رابع جلسة
القرار: تأجيل لسماع شهود الإثبات والاطلاع على المستندات مع تكليف النيابة العامة بضم تقرير تقصي الحقائق حول أحداث مجلس الوزراء، وضم تحقيقات النيابة العسكرية.

5)    الثلاثاء 30-04-2013 خامس جلسة
القرار : تأجيل للقرار السابق.

6)    الخميس 28-11-2013  سادس جلسة
ملحوظة: منع المحامون من حضور الجلسة، بسبب رفضهم ترك متعلقاتهم الشخصية (هواتف وأي أجهزة إلكتورنية أخرى) لأمن المحكمة.

القرار: قرر المستشار عبد المنعم عبد الستار، الخميس، التنحي عن نظر محاكمة 269 متهمًا في أحداث مجلس الوزراء، وذلك لاستشعار الحرج.

محكمة جنايات إرهاب في معهد أمناء الشرطة:
ومن 28 نوفمبر 2013 لحد أخر فبراير 2014 حوالي شهرين كاملين بعد تنحي القاضي محضرناش جلسات محاكمة، واتحدد بعد كده جلسة يوم 4/3/2014 للمحاكمة قدام الدائرة 5 جنايات الجيزة "إرهاب"، وهي من الدوائر اللي خصصت لمحاكمة قضايا الإرهاب.
ولحد دلوقتي منعرفش ليه الدائرة 17 جنايات جنوب القاهرة تنحت عن نظر الدعوى وإيه الحرج اللي اتعرضتله عشان تتنحى، وبرضه منعرفش إيه السبب إننا نقف للمحاكمة قدام دائرة إرهاب خصصت بعد موجة 30 يوليو لمحاكمة أحداث الإرهاب اللي هي التفجيرات والحاجات الوحشة دي اللي معملهاش المتظاهرين في أحداث مجلس الوزراء، وكان كل مواجهاتهم مع قوات الأمن واشتبكاتهم بأسلحة عبارة عن طوب وحجارة وشوية قزايز مولتوف.
أما عن محكمة الإرهاب اللي وقفنا قدامها دي وبتحاكمنا دلوقتي في "معهد أمناء الشرطة"، وبصرف النظر عن إنعقاد المحاكمات سواء اللي قبل أو دلوقتي في أماكن مخصصة للشرطة بنتعرض فيها لتفتيش وتقليب وتهديد مستمر وعدم إحساس بالراحة والأمان أو إننا في مكان غير مخصص لإقامة العدل وتغليب الحق على الباطل، بل هو مخصص لتأهيل وتدريب أفراد الشرطة على كيفية ممارسة القهر والقمع ضد الشعب، وكيفية استخدام السلطة والنفوذ من أجل مصالح وأحلام شخصية، وإنه أكتر مكان قامت ضده ثورة العيش والحرية والكرامة الإنسانية.
إحنا واقفين قدام قاض يدير جلسات المحاكمة بنظام إدارة فصول مدرسة ابتدائي، وكل كلمة أو حركة من أي شخص من المتهمين أو المحامين محسوبة على ميزان ساعة رملية، وعلى الرغم من إنعندنا خبرة كمحامين في التعامل مع هذا النوع من القضاة المتشددين في قواعد الربط والضبط إلا إنه غير مريح بالمرة في توصيل رسالة العدالة قد ما هو بيوصل فكرة الحزم والإرهاب.
والإرهاب اللي أقصده هنا مستمد من ناحيتين: الأولى إننا بنتحاكم في مقر تابع لوزراة الداخلية، وإن إدارة الجلسة إدارة شبيهة كتيبة عسكرية، لدرجة إني متخيل إننا هنطلع من المحاكمة دي بعد نهايتها معلقين على كتافنا شرايط ورتب عسكرية أو إن ممكن حد من المحامين يتحبس بسبب إخلاله بنظام الجلسة لمدة 24 ساعة مثلا أو أكتر. فلو ده إحساسنا كمحامين يبقى إيه الإحساس الواصل للمتهمين "المتظاهرين سابقا".

محكمة لا تعترف بالثورة:
من الملاحظ على سلوكيات السيد المستشار القاضي رئيس الدائرة 5 جنايات إرهاب، واللي بانت من أول جلسة في 4/3/2014 وتاني جلسة 20/3/2014 إنه لا يعترف بالثورة ولا بيسمح بذكر اسمها أو التلفظ بيها خلال الجلسة، وده اتضح من خلال طلب أحد الزملاء منه في خلال كلامه عرض أحد المتهمين على الطب الشلرعي لإنه مصاب ثورة، فالقاضي رد عليه وقاله: بس بلاش كلمة مصاب ثورة وبتاع.
وكمان لما طلبنا ضم "تقرير تقصي الحقائق" في الجزء الخاص بأحداث مجلس الوزراء، رد وقال: "إنا ميلزمنيش تقارير، ومفيش حاجه تلزمني إني أضمه، ومش هاخد باللي مكتوب فيه" ..
ولما وضحناله إن اللجنة دي كانت مكلفة بجمع معلومات وأدلة عن قتل وإصابة المتظاهرين ودي حاجه معترف بيها في كل الأنظمة اللي بتقوم فيها ثورات، قال: "دي لجنة مش قضائية، وهما بالنسبالي شوية ناس قعدوا مع بعض".
وبعد مقاوحة مننا كهيئة دفاع سمح لنا بإننا ممكن نروح نطلب صورة رسمية من التقرير بناء على تصريح من المحكمة في محضر الجلسة، لكن رفض تكليف النيابة العامة بضمه، وبالتالي إحنا قدام يا نعرف نجيب صورة من التقرير أو لأ، وده يعتمد على حسب إرادة الجهة الإدارية اللي بحوزتها التقرير، وكمان يوضح لنا إن المحكمة ميهمهاش المجهود اللي اتبذل من لجنة أغلبها أعضاء نيابة وقضاة ومستشارين في الدولة لحد دلوقتي ولا هتلتفت ليه لو قدمناه أو استدللنا بالمعلومات اللي مكتوبة فيه.

الجلسة الجاية 1 إبريل:
إحنا هنقف الجلسة الجاية قدام محكمة الإرهاب، وبشكل شخصي عندي أزمة من الوقوف في المكان المسمى بمعهد أمناء الشرطة، وفي المحكمة اللي اسمها محكمة إرهاب، ويا عالم هنوصل لفين وهتودينا الأيام فين.
-------------

وصلات مرتبطة :

1) إخلاء سبيل 61 متهما في أحداث مجلس الوزراء



الأربعاء، 12 مارس 2014

اغتراب بلا عنوان

واحتجبتٌ،


عندما ظهرتُ للعيانْ -


رأيت نفسي كاملَ النقصانْ -












فابتعدتُ،


لم أعدْ إنسانْ


#أحمد_حشمت

ضحكتين ووردتين

ضحكتين هُما .. في قلب امرأة،
ولعبة أطفال،
وعلبة مناديل معطرة،
وأكياس دم ،
وقبلات لأحمر الشفاه تركت على زجاج الشرفات الشفاف،
ورجل أعطى ظهره المنحني لها كعامل نظافة مسن.

وردتين هُما .. في عقل امرأة،
وحبات سكر بلون الفل وبطعم الفانيليا،
ورياح صمت مشحونة بالصبابة،
وأفكار سنجاب لم يجد قوت يومه،
وفنجان قهوة لا رائحة له،
وأبراج حظ،
وقطعة من قماش فستان قديم،
وخاتم لرجل كان قد أعطى ظهره المنحني لها كعامل نظافة مسن.
‫#‏أحمد_حشمت‬
الصورة مقتبسة من هذا الرابط 

الأربعاء، 19 فبراير 2014

دعوة عرض حكي"قوس قُزح" - البط الأسود



بدعوتكم لحضور عرض "قوس قُزح" - عرض حكي- 
أيام ٢١ و٢٢ و٢٣ فبراير في مسرح الهناجر ويوم ٢٤ في مسرح جمعية النهضة العلمية والثقافية - جيزويت القاهرة.

يبدأ العرض في تمام الساعة السابعة ونصف.


قوس قُزح
عرض "قوس قُزح" هو نتاج ورشة كتابة عن أجسادنا وعن علاقتنا بيهم وورشة حركة لاكتشاف الجسد حصلت بعد ورشة الكتابة.

بالرغم من إن المفروض إن أجسامنا هي أقرب صاحب لينا إلا إننا اكتشفنا في ورش الكتابة إننا وأجسامنا متعرفناش صح. الكتابة عن الجسد أخدتنا في رحلة تعارف طويلة بدأت لما بدأنا الكتابة من سنتين واستمرت لغاية ما بدأنا في ورشة الحركة في ديسمبر ٢٠١٣.

كتير من لحظات التعارف كان مؤلم ومزعج وغير مريح، لكن بعد زوال عدم الراحة والكسوف والتخوف من إننا نتكلم مع أجسامنا حصلت حاجة عجيبة صعب تتوصف- حاجة تشبه قوس قزح اللي بيظهر بعد يوم مطر- ألوان كتير أول مرة كنا بنشوفها.
لقطة من بروفات العرض


هذا العرض من ضمن فعاليات موسم الفنون المستقلة الثاني (المسرحي الخامس) الذي تنظمه مؤسسة شباب الفنانين المستقلين
 وبدعم من قطاع الانتاج الثقافي.
وقد تم العرض بدعم من المجلس الثقافي البريطاني بمصر.



المشاركات في العرض:
زينب مجدي                                                            أسماء يوسف
سحر الموجي                                                                  آمنة مجدي
دولت مجدي                                                                            دعاء حمزة
إخراج: ريم حاتم
مساعد مخرج: ماريز قلادة
تصميم وتدريب حركة: نادين ايميل
تصور موسيقي: شادي الحسيني
تنفيذ إضاءة: مروان حاتم


كولاج لكاتبات وكتاب البط الأسود
Facebook: @uglyduckscult

 Twitter: @Albat_Alaswed


الأربعاء، 12 فبراير 2014

تعذيب أم تهذيب (مشاهد خيالية واقعية)

مشهد (1):
ليل يوم الجمعة 7 فبراير 2014:
في حجرة جدرانها مطلية باللون الأسود، نورها خافت جدا يصدر من مصباح صغير مثبت بأعلى الجدار الذي به باب الحجرة، ولا يكاد يضيئ 5 سم حوله، يقف رجل قوي البنية بشارب كثيف ويعمل ضابطا في جهة أمنية، أمام باب الحجرة الموصد من الداخل، وفي منتصف الحجرة كرسي بدون مسند يجلس عليه شاب في الثلاثينيات من عمره نحيل الجسم، يرتدي ملابسه الداخلية فقط "فانلة حملات + بوكسر"، ويقطر من وجهه وملابسه قطرات عرق مختلطة بالماء الذي صب على جسده كمحاولة لإفاقته:
الصورة منقوله من هذا الرابط

الضابط بصوت هادئ: قوم أقف يااااااااااااد على رجليك.
الشاب: .........
الضابط "بصوت أعلى وبحزم أكثر": قوم أقف يا روح أمك يا نايتي.
الشاب يغمغم بكلمات غير مفهومة.
الضابط بصوت "يرج جدران الحجرة": اقف يا ابن الجزمة.
الشاب تميل رأسه على كتفه الأيمن، ويخرج من فمه رغاوي بيضاء كرغاوي الصابون، ولا يسمع منه أي صوت.
الضابط يتقدم تجاه مكان الشاب، ويرفع يده لأعلى في استعداد لصفعه على وجهه، وقبل أن ينزل يده لأسفل يقع الشاب من على كرسيه مائلا تجاه الضابط ويسقط منكبا على وجهه، لتستقر رأسه على قدمي بيادة الضابط.
الضابط يرفس رأس الشاب من على قدميه، ويخرج من باب الحجرة، صافقا إياه بشدة.

***
***
مشهد (2):
صباح السبت 8 فبراير 2014:
الضابط في مكتبه مع زميل له في نفس الجهة الأمنية، ويعمل بوظيفة مسئول حقوق الإنسان بها:
الصورة منقوله من هذا الرابط

الضابط (أ) : أنا مشفتوش يا باشا، أنا بس دخلته أحقق معاه بنفسي هنا في المكتب، طب ساكت ع المكتب بعد ما شرب اللمون.
الضابط (ب): طيب وأثار التعذيب اللي موجوده في جسمه؟

الضابط (أ): بقولك مشفتوش وملحقتش أتكلم معاه.

الضابط (ب): أيوه يعني ممكن يكون حصل قبل كده، قبل ما تقعد معاه يعني.

الضابط (أ): طيب ايه رأيك، وحياة ولادك .. أول ما جابوا العيال دي وفي العرض أنا قلتلهم محدش يمس الواد ده شكله ابن ناس، وأنا محرج عليهم أصلا يلمسوا أي حد .. الكلام ده قبل الثورة يا باشا .. إحنا اتعلمنا خلاص ومبقيناش نعمل أي حاجه مخالفة للقانون.

الضابط (ب): يعني انت شايف إن اللي في جسمه مخالف للقانون؟

الضابط (أ): يا باشا متوقعنيش في غلط .. مفيش حاجه في جسمه .. هو جاله هبوط في الدورة الدموية يمكن من الخضة أو عشان مكلش، معرفش بقى السبب إيه؟

الضابط (ب): أيوه بس ده في جسمه كدمات وسحجات، وحاجات تانية شكلها حصلت بألات حادة.

الضابط (أ): بص يا باشا إحنا ممكن ندي الواحد قلمين على بونيتين، ولو لزم الأمر شلوت خفيف، بس التعذيب الفظيع ده لأ .. منعملوش .. إحنا خبرة برضه مش لسه ولاد اليومين دول.

الضابط (ب): ايوه بس الواد اتعذب.

الضابط (أ): طيب ما هو ممكن يكون ده حصل قبل ما نستلمه .. أيه المشكله ؟ حد عارف هو كان فين؟

الضابط (ب): ايوه بس انت في محضرك مكتبتش إن حالته كانت بالشكل اللي أنا شفته ده؟

الضابط (أ): محضر ايه يا باشا .. المحضر يتقطع ويتعمل اللي انت عايزه .. كله يتصحح زي ما تقول.

الضابط (ب): تمام.
***
***
مشهد (3):
ليل الأحد 9 فبراير 2014:
حلقة من برنامج تليفزيوني من برامج التوك شو، يستضيف فيها المذيع اللامع أحد لواءات وزارة الداخلية:
الصورة منقوله من هذا الرابط

المذيع: إيه رأي حضرتك.
اللواء: بصراحة وفي الحقيقة وفي الواقع، إن بلدنا بعد الثورة اتغيرت وبقى فيها إشاعات كتير، ومستهدفة من ناس كتير، وأول جهة مستهدفة هي وزارة الداخلية، لأنها مصدر الأمن والأمان للناس، وهم عايزين يهدوا المصدر ده عشان يقدروا يخربوا في البلد.
المذيع: بس دي مش إشاعات.
اللواء: لأ طبعا إشاعات .. والدليل على كده إن محدش شاف حاجه، وكله بيتكلم ع الفيس وتويتر بدون أي سند أو إثبات.
المذيع: والناس تثبت إزاي وإنتوا اللي في إيديكم الجثة والمحضر وكل حاجه.
اللواء: لأ ده مش صحيح .. إحنا أكتر ناس متراقبين وعلينا تفتيش وكل الناس بصالنا في شغلنا، وكل اللي بنعمله ميعجبش، وكل أساليبنا غرضها التهذيب أولا واخيرا.
المذيع: التهذيب ولا حضرتك التعذيب؟
اللواء: حضرتك لو فيه تعذيب كانت النيابة أثبتت ده، لكن النيابة ما أثبتتش حاجه من ده، ولا وجهتلنا اتهام.
***
***
مشهد (4):
صباح الاثنين 10 فبراير 2014:
يقف مجموعة من المحامين الحقوقيين وأخرين من المهتمين بالقضية، أعمارهم ما بين 25 و 35 سنة،  في مكتب رئيس النيابة الشاب، يفوضون أحد المحامين للتحدث نيابة عنهم:
الصورة منقوله من هذا الرابط

المحامي: حضرتك أنا ساعات بتخيل نفسي رئيس نيابة، وبقول إنه لو كنت كده كنت المفروض هاخد إجراءات وأتدخل بأشكال متعددة لصالح العدالة والقانون والمجتمع، يعني أنا لو رئيس نيابة يبقى عندي حق أعمل تفتيش مفاجئ على الأقسام والسجون اللي في دايرتي وأشوف المتهمين المحتجزين، وأراجع المحاضر الموجودة ودفتر الأحوال بشكل عشوائي، على فترات مش بعيدة، عشان أحاول أقلل من اللي بيحصل فيها من تعذيب.
رئيس النيابة: ساعات كل واحد فينا بيتخيل إنه يقدر يعمل حاجات كتير، ولما يقعد في المنصب أو المكان اللي بيتخيل فيه نفسه مش بيعمل أي حاجه.
يعني بنفس المنطق لو أنا تخيلت إني محامي، فأنا بشوف طلبات غريبة من المحامين وعندي اعتراض عليها، وبقول إني لو مكانهم مش هطلبها ولأ اعمل زيهم.
المحامي: أيوه بس المحامي معلهوش رقابة غير ضميره .. وموكله يقدر يحاسبه لو قصر في شغله .. لكن النيابة أحاسبها إزاي؟ وأراقبها إزاي؟ في وظايفها ودورها اللي مش بتعملها؟
رئيس النيابة: يا أستاذ انت فاكر إن فعلا نقدر نعمل ده .. مش كل حاجه مكتوبة ع الورق نقدر ننفذها .. انا فعليا معنديش سلطة على الشرطة، ولا أقدر أروح القسم من غير ما أبلغهم، ولو بلغتهم انت عارف ايه اللي هيحصل، هروح ومش هوصل لحاجه .. ده لو زي ما انت بتقول فيه حاجه أصلا.
***
***
مشهد (5):
ليل الاثنين 10 فبراير 2014:
تجمهر لأهالي الشاب ضحية التعذيب في محيط حرم مشرحة زينهم.
والد الشاب يجلس جنب جثة أبنه في صمت وعلى وجهه أثار الفجيعة، ووالدته تصرخ وتنتحب بكل ما فيها من عزم على ضياع شباب إبنها، وبعض نشطاء الفيس بوك وتويتر الذين ينقلون الأحداث ويواسون أهل الضحية.
يقف ناشط ليلتقط بعض الصور لجثة الشاب وهي محمولة على الأكتاف في محاولة لعرضها على الطبيب الشرعي وتشريحها قبل الدفن.
الصورة منقولة من هذا الرابط

والد الشاب: حسبي الله ونعم الوكيل .. حسبي الله ونعم الوكيل.
والدة الشاب: إنتوا بتصوره إيه وتكتبوا إيه؟ ما راح خلاص .. كنتوا فين إنتوا؟ انتوا اللي قتلتوه .. إنتوا اللي عذبتوه.
ناشط (ب): إحنا بنحاول نساعدكوا .. ومش هنسيب حقه.
والدة الشاب: حقه ضاع زي ما هو ضاع في شربة مايه.
ناشط (ج): مش هنسكت يا أمي .. مش هنسكت .. يا هنجيب حقه يا نموت زيه.
والدة الشاب: كنتوا جبتوله شغلانه .. كنتوا بعدتوه عن الشارع اللي جاب أجله.
ناشط (د): يا امه ده قدره ونصيبه .. كان هيشوفه هيشوفه.
والدة الشاب تستأنف ردها في حشرجة وعويل: وليه يكون ده قدره ونصيبه، ليه ميكونش قدرك انت ونصيبك، ليه هو ميكونش معاه موبايل زي بتاعك ويقعد يكتب عن الناس اللي بتموت وبتتسجن، ليه يكون هو اللي يتسجن ويموت ناقص عمر، ليييييييييييه؟ ليييييييه؟
----------------------
ملحوظة: أي تشابه بين الواقع وأي مشهد سردي ورد في هذه التدوينة هو من محض الصدفة، وكل التواريخ المبينة والأماكن حتى وإن تشابهت مع الواقع فهي ليست حقيقة في حد ذاتها، لكن قد تتشابه مع تفاصيل حدثت وتحدث في الحياة اليومية العادية


الاثنين، 10 فبراير 2014

مصر مهد الروتين

الصورة مقتبسه من هذا الرابط


مصر يامه يا سفينه .. الروتين ملا المدينة

موظفينك في المكاتب .. بطنهم بقت سمينة

المدير رايق وعايق .. ماله دعوة بشغل ناسك

والغفير حارس ونايم .. يوم ما يصحى ياكل ولادك

والوزير بفلوسنا يبني .. شاليهاته في مارينا

والخازوق دا أمن قومي .. يخزوقوه بإيدين أمينه

والتحدي إنك تعدي .. ألف سور وسور يودي

للحقيقة المرة يا بني .. إننا رحنا وجينا

رحنا لما خيالنا فكر .. وجينا في بوكس بسارينه

ومصر يامه يا سفينه .. قالبه وشك ليه حزينه?

كسرة في ولادك شبابهم .. ومطلعه بظلمك عينينا


الخميس، 30 يناير 2014

مركب للشمس والحب

أعدك يا حبيبتي:

برفقة نستبق الخيال فيها،

سنحدث بعض الإنفجارات في السماء الراكدة،

سنلعب لعبة الضوضاء، 

لنُسمع السحاب بعضاً من تفاهتنا،

سنهجر الموطن الأصلي لقلبي،

 ونتركه في مهب الريح،

سنجدف بالحلم في مغامرتنا على متن مركب الشمس،

 لنحتل أولى كويكبات الحب التي تقابلنا،


أعدك يا حبيبتي:

بصورة تذكارية لكل لحظاتنا مجمعة،

لن يدرك فيها الأخرون الفرق بين الحق والسراب

صورة مقتبسة من هذا الرابط 

السبت، 25 يناير 2014

للثورة أجيال


هل هي حرب بين الأجيال؟

جيل يقنع بالموت وبالظلم

ويرضى بالإستغلال!

وجيل لا يسمع إلا صوت الحلم

ويتغطى بفرش خيال؟

هل للثورة باب يفتح بين حوار الصفقات والندوات والخطب الرنانة؟

أم أن العم الأبله يزعجنا بمقال الجَد وخطاب الخال؟

يا سيسي إن الثورة صوب العين وتحت العرش

 ولن تبعد عن خاطرنا .. لتنام قلوق البال

ولـ مرسي عقبى سيئة .. وجماعة أنصار الزيف 

ومبارك في أسوء حال

ما زلت أثور على كعبتكم وعلى ألهة البطش

ما زلت أردد وبصوت أعلى من زي قبل مليون سؤال

هل تسقط دولتكم؟ هل تنهار شريعتكم؟ هل يقطع رابطكم؟

وأرد على نفسي فأقول:

لا شيء محال .. لا شيء محال 

#أحمد_حشمت

الأحد، 22 ديسمبر 2013

باسم محسن .. عندما تموت القضية

تقدر تعد كام عدد الشهدا دلوقتي من أول موجة ثورية في 25 يناير؟
تقدر تعد كام مصاب بعاهة مستديمة في كل أحداث واشتباكات الثورة؟
تقدر تعدد وتولول وتصرخ من غير ما تكتم أهاتك وعويلك جوه صدرك اللي ضاق بيك؟
النهاردة مات "باسم محسن" .. ابكي على موت القضية.
-----------

القضية ليست هنا في ساحة المحكمة أو في سراي النيابة ولا ديوان القسم، القضية ستظل داخل روح كل من أمنوا بالثورة، وتخلت عنهم أيادي الجبناء فسقطوا صرعى، ليشرب دمهم من وصل إلى الكراسي ليتجرعوه نخب سعادة حظوظهم، أن امتلكوا زمام الدنيا وبرطعوا في مناكبها.
كل الذين سقطوا موتى في الميادين والشوارع الكئيبة، كل الذين فقدوا أعضائهم واحدا تلو الأخر لم يجد ملجأ غير تربة الأرض السمراء ليدفن فيها دموع همومه أو ليرقد فيها إلى الأبد.
لن تأكل الأرض أجسادهم كما أكل أصحاب الشرطة والسلطة أحلامهم وقضيتهم، لن تضمهم مقابرهم وتضيق عليهم، كما ضاقت عليهم السماء وضنت على إجابة تساؤلاتهم ورجاءاتهم وأمانيهم في الدنيا المالحة المريرة كالصبار.
قابلت "باسم محسن"  في محبسه ووقفت مدافعا عنه لعدة جلسات أمام المحكمة العسكرية، كان يحاكم ساعتها بتهمة "سرقة خوذة ودرع، وإهانة فرد قوات مسلحة"، الأمر لم يكن هينا، بل كان هوانا، فهو شاب آمن بالثورة ليدخل النفق المظلم للحياة، أصيب بالخرطوش وفقد إحدى عينيه، ثم حكم عليه بالحبس من محكمة السويس العسكرية، ثم قتل فمات شهيدا.
هذا ما حملته الأيام للفقراء حتى ولو كان الفقير "باسما"، هذا ما حملته للمساكين حتى ولو كان المسكين "محسنا".
أتذكر أمه المريضة التي ظل من أجلها أمر حبسه واعتقاله في الكتمان كي لا تغتم فتحزن فيصيبها مكروه، أتذكر حماسته التي جرجرته إلى مصيره، وعنفوان نفسه الذي أوقعه في مصابنا منه، أتذكر اسمه وأذكره كي أتبارك بمحبته.
---------

الأوله : خالد سعيد .. 
التانية: باسم محسن .. 
والتالتة: كتير راحوا وهيروحوا أكتر.
---------

أظن أن اسم خالد سعيد سيظل خالدا، وأعتقد أنه الأن سعيدا .. يا رب.
وأظن أن باسم محسن سيجد ابتسامته في مكان أخر مع السعيد "خالد"، وأعتقد إحسانه على هذه البلد سيروي ترابها ليطرح ابتسامات أمل بعد رحيله ..
يا رب.
"باسم محسن" كالذين رحلوا قبله وجد طريقه أخيرا، وبدأت رحلته التي سيتخلص فيها من كل كًبد وهم، ليس هذا رثاءا بل هي حقيقة واضحة، ما الذي يبقيه في مثل هذا الجوع والمرض والذل، طلب الثورة فتطاولت عليه أيادي أعدائها، وألقوا به خارج المزبلة التي نعيش فيها، لنخسر نحن بفقدانه، ويكسب هو وحده شرف حسن الختام.
ولتكسب السلطة زيادة ضحية أخرى في سجل إجرامها وفسادها وفاشيتها، فليس عند السطة وقت إلا لحصد الأرواح، وجمع القتلى، كما لو كأنهم وكلوا من الله بقبض أرواح المصريين، إن لم يكن بالغذاء الفاسد قبل الثورة فليكن بالرصاص بعدها.
--------

بتخيل حوار وكيل النيابة اللي هيحصل مع أحد الشهود اللي شافو واقعة قتل "باسم":
س: مين اللي قتل باسم؟
ج: مفيش حد.
س: مين اللي ضرب الرصاصة اللي جت في دماغه؟
ج: الللل .. الل .. ال... الدولة!!
س: مين ؟
ج: الدولة!!
س: بتقول مين؟
ج: الإخوان .. قصدي الإرهاب!!
س: مين من الإخوان اللي قتله؟
ج: مش عارف!!
وفي الأخر هتتقيد القضية ضد "مجهول" أو "طرف ثالث".
--------

الأن وبعد رحيل "باسم" .. السؤال الذي قد يشغل بالنا بحثا، أين الثورة؟ كسؤال "سمير غانم" في أحد الأفلام، "الكورة فين؟"
الثورة هي ما تشغلنا الأن، لأننا عرفنا مستقر  جثمان 
ومستودع 
روح "باسم"، هل الثورة هي قتل المصريين ؟
هل الثورة هي المجازر والمذابح التي تقيمها السلطات المتعاقبة على إبادتنا في كل زمن ومرحلة؟
هل نحكم على الثورة بالموت لنستريح من إجرام السلطة؟ 
هل نقبل بهذا الحكم ونساوم عليه من أجل بقاء بقية الفقراء والمساكين الذين يعيشون بيننا ونحتمي بهم ونقدمهم دائما قربانا لألة التعذيب السلطوية؟ ونار الألهة العسكرية؟ وضباع النظم الفاشية؟
-------



أعتقد الصوان هيفضل منصوب .. ولا عزاء للفقراء والمساكين.





الطوفان .. جاهين


الثلاثاء، 17 ديسمبر 2013

في مثل هذه الأيام



في مثل هذه الأيام .. مات متهم في حجز محكمة زينهم بعد ما اتعرض للضرب والتعذيب والسحل أثناء فض إعتصام مجلس الوزراء في 2011.
في مثل هذه الأيام .. كنت بغطي المتهمين المرميين في طرقات محكمة زينهم بالموكيت والسجاجيد عشان الجو كان برد جدا والدم متجلط على أجسامهم ولبسهم ووشوشهم.
في مثل هذه الأيام .. رحت القصر العيني القديم وشفت عبودي وهو وشه متورم ومتبهدل، وباقي المصابين اللي كانوا جثث في طرقات المستشفى ومحدش بيسأل فيهم.
في مثل هذه الأيام .. قدمنا بلاغات ضد وزارة الصحة والمستشفيات "الهلال والمنيرة والقصر العيني" اللي سمحت للداخلية تكلبش المصابين بقيود حديدة في سرايرهم ومقدموش علاج ليهم وسابوا جروحهم تتعفن.
في مثل هذه الأيام .. رحت حضرت تجديدات حبس المتهمين في محكمة القاهرة الجديدة قدام قضاة تحقيق واتشتمت منهم عشان يثبتوا دفاعنا وطلباتنا وقدمت بلاغات وشكاوى فيهم للتفتيش والنيابة وفي الأخر المستشار وجدي عبد المنعم رئيس هيئة التحقيق بقى عضو يمين في المحكمة اللي بتحاكم مبارك دلوقتي.
في مثل هذه الأيام .. كان في موجة من موجات الثورة والموجة كانت عالية بس لسه عندي أمل في الطوفان.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الصورة من تصويري لجرافيتي لأحد متهمي أحداث #مجلس_الوزراء #ذكريات_التحقيقات 

الخميس، 5 سبتمبر 2013

تسقط العدالة الإنتقالية

لماذا كتب علينا أن نعيد تمثيل نفس الأدوار وقول نفس السيناريو والحوار؟

لماذا ما زلنا نتخبط في الإنتقال من دولة الفساد والإستبداد إلى دولة الحقوق والحريات ولا نستطيع أن نصل بجمعنا إلى باب الخروج؟

لماذا تتكرر في خطابات  الدولة والإعلام ورسائلها نفس الإتهامات للثورة والثوار، ويدعي الفهم أصحاب الخبرات و "الخوابير" الإستراتيجية فقط؟

لماذا لم نحقق العدالة الإجتماعية والحرية والكرامة الإنسانية ولم تتخذ الدولة سبيلا نحوهم؟

الإجابة على هذه الأسئلة هي في حد ذاتها محيرة ومنهكة جسديا ونفسيا، لإن الأوضاع السياسية التي عايشناها منذ الموجة الأولى للثورة في 25 يناير حتى أخر موجاتها في 30 يونيو، اعتمدت الدولة فيها على إسقاط العدالة وتضليل الباحثين عن الحقيقة وإسكات صوت الحق.


قد تكون فكرة "العدالة الإنتقالية" هي مثار سخرية كما هي فكرة حقوق الإنسان الآن، لأن فكرة جاءت بدعم "الممولين" وابتدعها "الحكوكيين" و "النشتاء" كما يردد أدعياء الثقافة وأرباب شبكات التواصل الإجتماعي الذي يخشى من الإرهاب والإرهابيين، وقد تكون فكرة تهدد الخيال الأمني وتزعج استقراره، وتمحو الهالة الخزعبلية عن دولة المخابرات وأمن الدولة، لأنه إذا عرف القاتل واقتص منه، استراح المقتول واطمئن الشعب ورضي بالقضاء قبل إيمانه بالقدر.

وكمثال .. فالقضاء على الإرهاب لا يكون بنشر الدبابات والكمائن الشرطية -التي تعشق الدماء وتعيش على إراقتها - في ربوع البلاد، ولكن بنشر وتحقيق العدالة الإنتقالية التي تضمن بإجراءاتها كشف الحقيقة ومحاسبة المجرمين وهيكلة أجهزة الدولة وجبر الضرر للضحايا وتعويضهم.

إن إراقة دماء من نشك في دعمه للإرهاب أو خروجه عن القانون ليس حلا، وإيداع المقبوض عليهم عشوائيا في الميادين ومحاكمتهم عسكريا ليس حلا، ومحاكمة نظام مبارك والإخوان وكل القتلة بقوانين نظام مبارك لهو عين الفساد وعين الباطل.

أما العدالة الإنتقالية فإنها تضمن كشف حقيقة الأحداث بخلق لجان تتقصى وتتحرى صدق الروايات والشهادت.

العدالة الإنتقالية تضمن محاسبة المجرمين الحقيقيين بلا إجراءات استثنائية وبمحاكمات تعتمد على الحقيقة وليست على تحريات أمنية أساسها الكذب والتدليس والإفتراءات.

العدالة الإنتقالية تضمن إعادة هيكلة أجهزة العدالة من "شرطة ونيابة وقضاء" كي لا يستمر التواطؤ والتباطؤ منهجا في المحاكمات.

العدالة الإنتقالية تضمن جبر الضرر للضحايا وتحقيق القصاص وتعويض المضرورين، ليطمئن كل ذي حق أن العدل في الأرض ما زال موجودا، وليستمر الأمل لنا في الحياة على هذه الأرض التي ارتوت من الدماء في السنين الأخيرة كما ارتوت من نهر النيل.



الأربعاء، 5 يونيو 2013

كنت مركب

الصورة من تصويري


كنت مركب جوه بحر يشيل ويخبط
تنكسر فيه الضلوع
بس ليه صاري عالي لسه طايله
قمته شط السحاب
كنت بلعب بالسعادة وبالفرح
كنت أشاور على اللي صابه الهم بدري وانجرح
يضحك القلب العمار
بصدر شارح منشرح
كنت اشوفها تستخبى مني دايما
جوه حلم ميتحكيش
كنت أحلم بيها دايما
واحكي شوقي ميتنسيش
كنت أخاف كانت تطبطب
كنت أشقشق ويا فجر صباح سعيد
وابدأ الرحلة بدعاها ليا أنجح
كنت في عيونها بعيش

الثلاثاء، 4 يونيو 2013

السعادة أن تفقد الرغبة

" كل الألوان اللي عندي للأسف باظت .. بقالي كتير مرسمتش ، طيب أعمل ايه دلوقتي أجيب ألوان منين ؟ الساعة 3 بالليل!!" 

تتقلب في سريرها من أرق عاصف خلع عنها سترة النوم ، وبدد ليلها وأحاله إلى نهار كاشف ، لكن لا أحد غيرها في هذا البيت قد حصل على هذه الجرعة المفروضة من أرق الليلة الطويلة . قد تعودت أن تشغل نفسها بالرسم إن وضعتها الظروف في مثل ما هي فيه الأن ، لكنها من زمن لم تشهد سخونة فراش مقلقة كما عاشتها الليلة . ألوانها الزيتية قد فسد معظمها بسبب الإهمال ، وأصابها الهواء فغير حالتها السائلة .

"كل كلامي معاه كان في الهوا الطاير .. لا بيحس ولا بيرحم"

نسيت أنها تلبس قميص نومها الأبيض وقامت من فراشها متململة لتفتح نافذة حجرتها المطلة على شارع ضيق كئيب لا يتجاوز عرضه 6 أمتار علها تلتمس بعض هواء الليل لكن ما لبثت أن وجدت من يتلصص على جسمها من بلكونة الشقة المقابلة بعدما ألقى عبارات تحرشه على أنثى كانت تعبر الشارع، فأحست كأن الدنيا تحاصرها لتحبسها داخل جدران حجرتها، أغلقت دفتي النافذة واستكانت مرة أخرى في موضع نومها.

الصورة مقتبسة من هذا الرابط

"أنا هلاقيها منين ولا منين .. من أهلي اللي مش سألين فيا، ولا من حبيبي اللي مش بيحبني ، ولا من ولاد الكلب اللي مبيرحموش أي حتة لحمة ماشية في الشارع"

أحست في أنها تحتاج للبكاء لكن قلبها لم يشجعها على ارتكاب هذا الخطأ، ولم تدري لما اعتبرته خطأ.. أهو لأنه إحساس بالضعف أم لأنه إحساس بالوحدة لا يجوز في زمن لا يساند إلا من بيده الوجع والقوة والألم.
كل يوم كانت تخلع عواطف جديدة وتطبقها فوق بعضعها لتضعها في رف الدولاب المفتوح دائما لكل الزائرين، هذا هو فستان يوم الخطوبة التي لم تتم، اشترته وأضافت عليه زينته بيديها، قطعت عشر ليال كاملة كي ترصعه بالخرز الملون. لكن فارس بني خيبان لم يأت ساعتها، كل الأعذار التي أبداها لم تكن كافية لتسامحه، حتى وإن أبدى لها موته كعذر إضافي.

"وانت تموت ليه دلوقتي .. طيب أخطبني وبعدها موت في أي يوم تاني .. يعني ايه العربية اللي كنت جاي بيها تتقلب على الدائري .. هو ده كلام منطقي ؟"

هكذا حدثت بغضب صورته التي لديها في صندوق ذكرياتها الذي يقبع في ركن من أركان حجرتها الضيقة، كانت تتصور أن وجهه الذي بالصورة سيحترق خجلا منها، لكن دون جدوى .. هو كما هو "لا بيحس ولا بيرحم".